تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٧١
أبو عبد الله ابن الفخار القرطبي المالكي الحافظ. عالم الأندلس في عصره. روى عن: أبي عيسى الليثي، وأبي محمد الباجي، وأبي جعفر بن عون الله، وجماعة. وحج وجاور بالمدينة وأفتى بها، فكان يفخر بذلك. تفقه بأبي محمد الأصيلي، وأبي عمر بن المكوي.
وسمع بمصر. وكان إماما بارعا زاهدا ورعا متقشفا، من أهل العلم والذكاء والحفظ، عارفا بمذاهب الأئمة وأقوال العلماء. يحفظ المدونة حفظا جيدا، والنوادر لابن أبي زيد.
وقد أريد على الرسلية إلى البربر فأبى وقال: إني في جفاء وأخاف أن أؤذى.) فقال الوزير: رجل صالح يخاف الموت، قال: إن أخفه فقد خافه أنبياء الله، هذا موسى عليه السلام حكى الله عنه أنه قال: ففررت منكم لما خفتكم.
قال ابن حيان: توفي الفقيه المشاور الحافظ المستبحر، الراوية البعيد الأثر، الطويل الهجرة في طلب العلم، الناسك المتقشف أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الأول. فكان الحفل في جنازته عظيما، وعاين الناس فيها آية من طيور أشباه الخطاف، وما هي بها، تخللت الجمع رأفة فوق النعش جانحة إليه مشفة، لم تفارق نعشه إلى أن ووري فتفرقت. عاين الناس منها عجبا تحدثوا به وقتا.
ومكث مدة ببلنسية مطاعا عظيم القدر عند السلطان والعامة. وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك، صاحب أنباء بديعة رحمه الله.
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»