حضر: يا قاضي، وكان ابن نوح يلقب بالقاضي، فسمع القاضي أبو الطاهر، فأنفذ إلينا حاجبه فقال: من القاضي فيكم فأشاروا إلي، فلما دخلت عليه قال لي: أنت القاضي فقلت: نعم. فقال لي: فأنا ماذا فسكت، ثم قلت هو لقب لي. فتبسم، فقال لي: تحفظ القرآن قلت: نعم. قال: تبيت عندنا الليلة أنت وأربعة أنفس معك، وتواعدهم ممن تعلمه يحفظ القرآن والأدب، قال: ففعلت ذلك، وأتيت المغرب فقدم إلينا ألوان وحلوى، فلم يحضر القاضي، فلما قاربنا الفراغ خرج إلينا القاضي يزحف من تحت ستر، ومنعنا من القيام، وقال: كلوا معي، فلم آكل بعد، ولا يجوز أن تدعوني آكل وحدي، فعرفا أن الذي دعاه إلى بيتنا عنده عمه على ولده أبي العباس، وكان غائبا بمكة، ثم أمر من يقرأ منا، ثم استحضر ابن المقارعي وأمره بأن يقول. وقام جماعة منا وتواجدوا بين يديه، ثم قال شعرا في وقته، وألقاه على ابن المقارعي يغني به، والشعر هو: يا طالبا بعد قتلي فبكى القاضي بكاء شديدا، وقدم ابنه بعد أيام يسيرة، فقلت: هذا وما قبله من خط أمين الدين محمد، أحمد بن شهيد. قال: وجدت بخط عبد الغني بن سعيد الحافظ، فذكر ذلك.
قال ابن زولاق في أخبار قضاة مصر: ولد أبو الطاهر الذهلي ببغداد في ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين، وكان أبوه يلي قضاء واسط، فصرف بابنه أبي طاهر من واسط، وولي موضعه، وأخبرني أبو طاهر أنه كان يخلف أباه على البصرة سنة أربع وتسعين.
قال: وولي قضاء دمشق من قبل المطيع، فأقم بها تسع سنين، ثم دخل مصر زائرا لكافور سنة أربعين، ثم ثار به أهل دمشق وآذوه، وعملت