تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٤١٤
وعذبه. فلما فرغ من المصادرة بقي بلا عمل سوى اسم الوزارة والركوب يومي الموكب. وسقطت حرمته عند المقتدر، وبان له أن لا فائدة منه، فأفرد ابن عيسى بالأمور. واستأذن حامد المقتدر في أن يضمن إصبهان والسواد وبعض المغرب، فأذن له حتى قيل في ذلك:
* أنظر إلى الدهر ففي عجائبه * معتبر يسليك عن نوائبه * * وتؤيس العاقل عن رغائبه * حتى تراه حذرا من جانبه) * (صار الوزير عاملا لكاتبه * يأمل أن يرفق في مطالبه * ليستدر النفع من مكاسبه قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو عبد الله الصيرفي: حدثني أبو علي القنوي التاجر قال: ركب حامد بن العباس قبل الوزارة بواسط إلى بستان له، فرأى شيخا يولول وحوله نساء وصبيان يبكون، فسأل عن خبرهم، فقيل: احترق منزله وقماشه وافتقر، فرق له ووجم له، وطلب وكيله وقال: أريد منك ان تضمن لي أن لا أرجع العشية من النزهة إلا وداره كما كانت مجصصة، وبها القماش والمتاع والنحاس أفضل مما كان، وكسوة عياله مثل ما كان لهم.
فأسرع في طلب الصناع، وبادروا في العمل، وصب الدراهم، وأضعف الأجر، وفرغوا من الجميع بعد العصر. فلما رد حامد وقت العتمة شاهدها مفروغة بالآتها وأمتعتها الجدد، وازدحم الخلق يتفرجون، وضجوا لحامد بالدعاء.
ونال التاجر من المال فوق ما ذهب له، ثم زاده بعد ذلك كله خمسة آلاف درهم ليقوى بها في تجارته.
وقيل: إن رجلا دخل واسطا في شغل، واشترى خبزا بدينار ليتصدق به، وجلس يراعي فقيرا يعطيه منه، فقال له الخباز: إنك لا تجد أحدا يأخذه منك، لأن جميع ضعفاء البلد في جراية حامد، لكل واحد رطل خبز ودانق فضة.
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»