تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٤٣٤
فسكتوا فقلت: ثنا أبو صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: ربوا في البلاد.
وسمعت أبي يقول: قدم محمد بن يحيى النيسابوري الري. فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثا من حديث الزهري، فلم يعرف منها إلا ثلاثة أحاديث.
قلت: إنما ألقى عليه من حديث الزهري، لأن محمد كان إليه المنتهى في معرفة حديث الزهري، وقد جمعه وصنفه وتتبعه حتى كان يقال له الزهر.
قال: سمعت أبي يقول: وبقيت بالبصرة سنة أربع عشرة ثمانية أشهر، فجعلت أبيع ثياب حتى نفذت. فمضيت مع صديق لي أدور على الشيوخ، فانصرف رفيقي العشي، ورجعت فجعلت) أشرب الماء من الجوع. ثم أصبحت، فغدا علي رفيقي، فطفت معه على جوع شديد، وانصرفت جائعا. فلما كان من الغد، غدا علي فقلت: أن ضعيف لا يمكنني. قال: ما بك قلت: لا أكتمك، مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا.
فقال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل النصف الآخر في الكراء.
فخرجنا من البصرة، وأخذت منه النصف دينار.
سمعت أبي يقول خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري، وصرنا إلى الجار، فركبنا البحر، فكانت الريح في وجوهنا، فبقينا في البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا.
وخرجنا إلى البر نمشي أياما حتى فني ما تبقى معنا من الزاد والماء. فمشينا يوما لم نأكل ولم نشرب، واليوم الثاني كمثل، ويوم الثالث. فلما كان المساء صلينا وألقينا بأنفسنا، فلما أصبحنا في اليوم الثال، جعلنا نمشي على قد طاقتنا، وكنا ثلاثة، أنا، وشيخ نيسابوري، وزهر المروزي. فسقط الشيخ مغشيا عليه، فجئنا نحركه وهو لا يعقل. فتركناه ومشينا قدر فرسخ، فضعفت وسقطت مغشيا علي، ومضى صاحبي يمشي، فرأى من بعيد قوما قربوا سفينتهم علىءئر موسى فلما عاينهم لوح
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»