تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٣٢٧
تريدين كيما تجمعيني وخالداوهل يجمع السيفان ويحك في غمد وكان المهتدي بالله أسمر رقيقا، مليح الوجه، ورعا، متعبدا، عادلا، قويا في أمر الله، رجلا شجاعا، لكنه لم يجد ناصرا ولا معينا على الخير.
قال أبو بكر الخطيب: قال أبو موسى العباسي: لم يزل صائما منذ ولي إلى أن قتل.
قال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت بحضرة المهتدي عشية في رمضان، فوثبت لأنصرف، فقال لي: اجلس فجلست. فتقدم فصلى بنا، ودعا بالطعام. فأحضر طبق خلاف وعليه من الخبز النقي، وفيه آنية فيها ملح وخل وزيت. فدعاني إلى الأكل، فابتدأت آكل ظانا أنه سيوفي بطعام. فنظر إلي وقال: ألم تكن صائما قلت: بلى. قال: أفلست عازما على الصوم قلت: بلى، كيف لا وهو رمضان. قال: فكل واستوف، فليس هاهنا من الطعام غير ما ترى.
فعجبت ثم قلت: ولم يا أمير المؤمنين قد أسبغ الله نعمته عليك. فقال: إن الأمر لعلى ما) وصفت، ولكني فكرت في أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز، وكان من التقلل والتقشف على ما بلغك. فغرت على بني هاشم، فأخذت نفسي بما رأيت.
وقال ابن أبي الدنيا: ثنا أبو النضر المروزي: قال لي جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء، فقلت له: كان أحمد بن حنبل يقول به، ولكنه كان يخالف. كأني أشرت إلى من مضى من آبائه.
فقال: رحم الله أحمد بن حنبل، والله لو جاز لي أن أتبرأ من أبي لتبرأت منه. ثم قال لي: تكلم بالحق وقل به، فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»