وروى ابن دريد، عن شيخ له، قال: كان الأصمعي بخيلا، وكان يجمع أحاديث البخلاء.
وقال محمد بن سلام الجمحي: كنا مع أبي عبيدة في جنازة، ونحن بقرب دار الأصمعي، فارتفعت ضجة من دار الأصمعي، فبادر الناس ليعرفوا ذلك، فقال أبو عبيدة: إنما يفعلون ذلك عند الخبز، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفا.
وقال الأصمعي: بلغت ما بلغت بالعلم، ونلت ما نلت بالملح.) وقد قال له أعرابي رآه يكتب كل شيء: ما أنت إلا الحفظة تكتب لفظ اللفظة.
قلت: ومع كثرة طلبه واجتهاده كان من أذكياء بني آدم وحفاظهم.
قال أبو العباس ثعلب، عن أحمد بن عمر النحوي قال: لما قدم الحسن بن سهل العراق قال: أحب أن أجمع قوما من أهل الأدب فيبحرون بحضرتي.
فحضر أبو عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي، ونصر بن علي الجهضمي، وحضرت معهم.
فايتدأ الحسن فنظر في رقاع كانت بين يديه ووقع عليها، وكانت خمسين رقعة. ثم أمر فدفعت إلى الخازن. ثم أقبل علينا وقال: قد فعلنا خيرا، ونظرنا في بعض ما نرجو نفعه من أمور الناس والرعية، فنأخذ الآن فيما نحتاج إليه. فأفضنا في ذكر الحفاظ، فذكرنا للزهري، وقتادة، ومررنا، فالتفت أبو عبيدة وقال: ما الغرض أيها الأمير في ذكر ما مضى وإنما تعتمد في قولنا على حكاية، عن قوم، وتترك من بالحضرة ههنا من يقول إنه ما قرأ كتابا قط، فاحتاج إلى أن يعود فيه، ولا دخل قلبه شيء فخرج عنه فلتفت الأصمعي وقال: إنما يريدني بهذا القول أيها الأمير. والأمر في ذلك على ما حكى، وأنا أقرب عليه. قد نظر الأمير فيما نظر فيه من الرقاع، وأنا أعيد ما فيها، وما وقع به