تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٢٦
شيئا له مثل، والله لا مثل له إلى أن قال: والبعث حق، وإني مذنب أرجو وأخاف، فإذا مت فوجهوني وليصل علي أقربكم مني نسبا، وليكبر خمسا.
وذكر وصايا من هذا النوع، إلى أن قال: فرحم الله عبدا اتعظ وفكر فيما حتم الله على جميع خلقه من الفناء، وقضى عليهم من الموت الذي لا بد منه. فالحمد لله الذي توحد بالبقاء. ثم لينظر المرء ما كنت فيه من عز الخلافة، هل أغنى عني شيئا إذا جاء أمر الله لا والله. ولكن أضعف به علي الحسنات. فيا ليت عبد الله بن هارون لم يكن بشرا، بل ليته لم يكن شيئا.
يا أبا إسحاق ادن مني واتعظ بما ترى، وخذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوقكها الله تعالى عمل المريد لله، الخائف من عقابه، ولا تغتر بالله وتمهيله، فكأن قد نزل بك الموت. ولا تغفل عن أمر الرعية، الرعية الرعية، العوام العوام، فإن الملك بهم الله الله فيهم وفي غيرهم.
يا أبا إسحاق عليك عهد الله، لتقومن بحق الله في عباده، ولتؤثرن طاعة الله على معصيته.
قال: اللهم نعم.
قال: فانظر من كنت تسمعني أقدمه فأضعف له في التقدمة. وعبد الله بن طاهر أقره على عمله، وقد عرفت بلاءه وغناءه.
وأبو عبد الله بن أبي دؤاد لا يفارقك، وأشركه في المشورة في كل أمرك، ولا تتخذن بعدي وزيرا، فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس، وخبث سريرته حتى أبعدته.
هؤلاء بنو عمك من ذرية أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه أحسن صحبتهم، وتجاوز عن مسيئهم، وأعطهم الصلات.
ثم توفي في رجب، ودفن بطرسوس.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»