وقد روي عن ثعلب أنه قال: لولا الفراء لما كانت عربية، ولسقطت، لأنه خلصها، ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد.
وذكر أبو بديل الوضاحي قال: أمر المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو. وأمر أن يفرد في حجرة، ووكل به خدما وجواري يقمن بما يحتاج إليه. وصير له الوراقين. فكان على ذلك سنين.
قال: ولما أملى كتاب المعاني اجتمع له الخلق، فلم يضبط إلا القضاة، وكانوا ثمانين قاضيا، وأمل الحمد في مائة ورقة.
قال: وكان المأمون قد وكل بالفراء ابنيه يلقنهما النحو. فأراد يوما النهوض فابتدرا إلى نعله فتنازعا أيهما يقدمه. ثم اصطلحا أن يقدم كل واحد فردة. فبلغ المأمون فقال: ليس يكبر الرجل) عن تواضعه لسلطان ووالده ومعلمه العلم.
وقال ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على الناس.
قال: وكان يقال للفراء أمير المؤمنين في النحو.
وعن هناد بن السري قال: كان الفراء يطوف معنا على الشيوخ فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء. فظننا أنه كان يحفظ ما يحتاج إليه.
قيل: إنما سمي بالفراء لأنه كان يفري الكلام.
قال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفراء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم منه بالنحو.