وإن لك من مقامك منصرفا. فانظر إلى أين منصرفك، إلى الجنة أم إلى النار. فبكى الرشيد حتى كاد أن يموت.
وقال عبد الله بن صالح العجلي: سمعت ابن السماك يقول: كتب إلي رجل من إخواني من أهل بغداد: صف لي الدنيا. فكتبت إليه: أما بعد، فإنه حفها بالشهوات، وملأها بالآفات. ومزج حلالها بالمؤونات، وحرامها بالتبعات.
حلالها حساب، وحرامها عذاب، والسلام.
وعنه قال: همة العاقل في النجاة والهرب. وهمة الأحمق في اللهو والطرب.
عجبا لعين تلذ بالرقاد وملك الموت معه على الوسادة.
حتى متى يبلغنا الواعظون أعلام الآخرة، حتى كأن نفوسنا عليها واقفة. وكأن العيون إليها ناظرة، ألا منتبه من نومته، أو مستيقظ من غفلته، ومفيق من سكرته، وخائف من صرعته كدحا للدنيا كدحا، أما تجعل للآخرة منك حظا.
أقسم بالله لو قد رأيت القيامة تخفق بزلزال أهوالها، والنار قد علت مشرفة على أهلها، وقد وضع الكتاب، ونصب الميزان، وجئ بالنبيين والشهداء، لسرك أن تكون لك في ذلك الجمع منزلة. أبعد الدنيا دار