الحجاج العراق سألني عن أشياء من العلم فوجدني بها عارفا، فجعلني عريفا على الشعبيين ومنكبا على جميع همدان، وفرض لي، فلم أزل عنده بأشرف منزلة، حتى كان ابن الأشعث، فأتاني قراء أهل الكوفة، وقالوا: يا أبا عمرو إنك زعيم القراء، فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصفين أذكر الحجاج وأعيبه بأشياء، فبلغني أن الحجاج قال: ألا تعجبون من هذا الشعبي الخبيث، أما لئن أمكنني الله منه لأجعلن الدنيا عليه أضيق من مسك حمل، قال: فما لبثنا أن هزمنا، فجئت إلى بيتي وأغلقت علي فمكثت تسعة أشهر، فندب الناس لخراسان، فقال قتيبة بن مسلم: أنا لها، فولاه خراسان، ونادى مناديه: من لحق بقتيبة فهو آمن، فاشترى مولى لي حمارا وزودني، فخرجت، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد سر، فنظرت إليه فقلت: أيها الأمير، عندي علم، قال: ومن أنت قلت: أعيذك، لا تسأل عن ذلك، فعرف أني ممن يختفي، فدعا بكتاب وقال: اكتب نسخة، قلت: لست تحتاج إلى ذلك، فجعلت أمل عليه، وهو ينظر، حتى فرغ من كتاب الفتح، قال: فحملني على بغلة، وبعث إلي بسرق من حرير، وكنت عنده في أحسن منزلة، فإني ليلة أتعشى معه، إذا أنا برسول الحجاج بكتاب فيه: إذا نظرت في كتابي هذا، فإن صاحب كتابك الشعبي، فإن فاتك قطعت يدك على رجلك وعزلتك، قال: فالتفت إلي وقال: ما عرفتك قبل الساعة، فاذهب حيث شئت
(١٢٨)