عليه واليا، فإن قبلوا فاعزلا عنهم الحجاج، ومحمد أخي مكانه، وإن أبوا فالحجاج أميركم كلكم وولي القتال، قال: فقدموا على الحجاج، فاشتد عليه ذلك، وشق عليه العزل، فراسلوا أهل العراق، فجمع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الناس وخطبهم، وأشار عليهم بالمصالحة، فوثب الناس من كل جانب وقالوا: إن الله قد أهلكهم، وأصبحوا في الأزل والضنك والمجاعة والقلة فلا نقبل.
وأعادوا خلع عبد الملك ثانية، وتعبؤا للقتال، فكان على ميمنة ابن الأشعث حجاج بن جارية الخثعمي، وعلى ميسرته الأبرد بن قرة التميمي، وعلى الخيل عبد الرحمن بن العباس الهاشمي، وعلى الرجالة محمد بن سعد بن أبي وقاص، وعلى المجنبة عبد الله بن رزام الحارثي، وعلى المطوعة والصلحاء جبلة بن زحر الجعفي.
وكان على ميمنة الحجاج عبد الرحمن بن سليم الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي، وعلى الخيالة سفيان بن الأبرد الكلبي، فاقتتلوا أياما، وأهل العراق تأتيهم الأمداد والخيمات من البصرة، وجيش الحجاج في ضيق وغلاء سعر.
فيقال إن يوم دير الجماجم كان في ربيع الأول، ولا شك أن نوبة دير الجماجم كانت أياما، بل) أشهرا، اقتتلوا هناك مائة يوم، فلعلها كانت في آخر سنة اثنتين، وأوائل سنة ثلاث.
فعن أبي الزبير الهمداني قال: كنت في خيل جبلة بن زحر، وكان على القراء، فحمل علينا عسكر الحجاج مرة بعد أخرى، فنادانا عبد الرحمن بن أبي ليلى: يا معشر القراء، ليس الفرار بأحد من الناس بأقبح منكم، وبقي