وقال ابن جرير الطبري: سار قتيبة بن مسلم إلى سمرقند بغتة في جيش عظيم، فنازلها، فاستنجد بملك الشاش وفرغانة، فأنجدوهم، فنهضوا ليبيتوا المسلمين، فعلم قتيبة، فانتخب فرسانا) مع صالح بن مسلم وأكمنهم على جنبتي طريق الترك، فأتوا نصف الليل، فخرج الكمين عليهم، فاقتتلوا قتالا لم ير الناس مثله، ولم يفلت من الترك إلا اليسير.
قال بعضهم: أسرنا طائفة فسألناهم، فقالوا: ما قتلتم منا إلا ابن ملك، أو بطلا، أو عظيما، فاحتزرنا الرؤوس، وحوينا السلب، والأمتعة العظيمة، وأصبحنا إلى قتيبة، فنفلنا ذلك كله، ثم نصبنا المجانيق على أهل السغد، وجد في قتالهم حتى قارب الفتح، ثم صالحهم، وبنى بها الجامع والمنبر.
قال: وأما الباهليون فيقولون: صالحهم على مائة ألف رأس، وبيوت النيران، وحلية الأصنام، فسلبت ثم أحضرت إلى بين يديه، فكانت كالقصر العظيم يعني الأصنام فأمر بتحريقها، فقالوا: من حرقها هلك. قال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، فجاء الملك غوزك فقال: إن شكرك علي واجب، لا تعرضن لهذه الأصنام، فدعا قتيبة بالنار وكبر، وأشعل فيها بيده، ثم أضرمت، فوجدوا بعد الحريق من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال.
ثم استعمل عليها عبد الله أخاه، وخلف عنده جيشا كثيفا، وقال: لا تدعن مشركا يدخل من باب المدينة إلا ويده مختومة، ومن وجدت معه حديدة أو سكينا فاقتله، ولا تدعن أحدا منهم يبيت فيها، وانصرف قتيبة إلى مرو.