وفيها أول فتنة ابن الأشعث: وذلك أن الحجاج كان شديد البغض لعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، يقول: ما رأيته قط إلا أردت قتله.
ثم إنه أبعده عنه وأمره على سجستان في هذا العام بعد موت عبيد الله بن أبي بكرة، فسار إليها ففتح فتوحا، وسار ينهب بلاد رتبيل ويأسر ويخرب، ثم بعث إليه الحجاج مع هذا كتبا يأمره بالوغول في تلك البلاد ويضعف همته ويعجزه، فغضب ابن الأشعث وخطب الناس، وكان معه رؤوس أهل العراق فقال: إن أميركم كتب إلي بتعجيل الوغول بكم في أرض العدو، وهي البلاد التي هلك فيها إخوانكم بالأمس، وإنما أنا رجل منكم، أمضي إذا مضيتم وآبى إذا أبيتم، فثار إليه الناس فقالوا: لا بل تأبى على عدو الله ولا نسمع له ولا نطيع.
وقال عامر بن واثلة الكناني: إن الحجاج ما يرى بكم إلا ما رأى القائل الأول: احمل عبدك على الفرس، فإن هلك هلك،) وإن نجا فلك إن الحجاج ما يبالي، إن ظفرتم أكل البلاد وحاز المال، وإن ظفر عدوكم كنتم أنتم الأعداء البغضاء، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث، فنادوا: فعلنا فعلنا، ثم أقبلوا كالسيل المنحدر، وانضم إلى ابن الأشعث جيش عظيم، فعجز عنهم الحجاج، واستصرخ بأمير المؤمنين، فجزع لذلك عبد الملك بن مروان، وجهز العساكر الشامية في الحال، كما سيأتي في سنة إحدى وثمانين إن شاء الله تعالى.
والحمد لله وحده.