إذا دنوا فارشقوهم بالنبل، فاقتتلوا عامة النهار أشد قتال في الدنيا، حتى أقر كل فريق للآخر.) ثم إن خالد بن عتاب بن ورقاء قال للحجاج: ائذن لي في قتالهم، فإني موتور وممن لا يتهم في نصيحة، فأذن له، فخرج في عصابة ودار من ورائهم، فقتل مصادا أخا شبيب، وغزالة امرأة شبيب، وأضم النيران في عسكره. فوثب شبيب وأصحابه على خيولهم، فقال الحجاج: احملوا عليهم فقد أرعبوا، فشدوا عليهم فهزموهم، وتأخر شبيب في حامية قومه.
فذكر من كان معه شبيب أنه جعل ينعس ويخفق برأسه وخلفه الطلب، قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين التفت فانظر من خلفك، فالتفت غير مكترث ثم أكب يخفق، ثم قلت: إنهم قد دنوا، فالتفت ثم أقبل يخفق. وبعث الحجاج إلى خيل أن دعوه في حرق النار، فتركوه ورجعوا.
ومر أصحاب شبيب بعامل للحجاج على بلد بالسواد فقتلوه، ثم أتوا بالمال على دابة فسبهم شبيب على مجيئهم بالمال وقال: اشتغلتم بالدنيا، ثم رمى بالمل في الفرات. ثم سار بهم إلى الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، فخرج لقتاله وسأل محمد المبارزة، فبارزه شبيب وقتله.
ومضى إلى كرمان فأقام شهرين ورجع إلى الأهواز فندب له الحجاج جيش الشام: سفيان بن الأبرد الكلبي، وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فالتقوا على جسر دجيل، فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، ثم ذهب شبيب، فلما صار على جسر دجيل قطع الجسر، فوقع شبيب وغرق،