وقال موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: فلما حضر الموسم حج نفر من الأنصار منهم معاذ بن عفراء وأسعد بن زرارة ورافع بن مالك وذكوان وعبادة بن الصامت وأبو عبد الرحمن بن تغلب وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة. فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم خبره وقرأ عليهم القرآن فأيقنوا به واطمأنوا وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب فصدقوه ثم قالوا: قد علمت الذي كان بين الأوس والخزرج من سفك الدماء ونحن حراص على ما أرشدك الله به مجتهدون لك بالنصيحة وإنا نشير عليك برأينا فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنذكر لهم شأنك وندعوهم إلى الله فلعل الله يصلح ذات بينهم ويجمع لهم أمرهم فنواعدك الموسم من قابل فرضي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى قومهم فدعوهم سرا وتلوا عليهم القرآن حتى قل دار من دور الأنصار إلا قد أسلم فيها ناس ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن عفراء ورافع بن مالك أن أبعث إلينا رجلا من قبلك يفقهنا فبعث مصعب بن عمير فنزل في بني تميم على أسعد بن زرارة يدعو الناس سرا ويفشو فيهم الإسلام ويكثر ثم أقبل مصعب وأسعد فجلسا عند بئر بني مرق وبعثا إلى رهط من الأنصار فأتوهما مستخفين فأخبر بذلك سعد بن معاذ - ويقول بعض الناس: بل أسيد بن حضير - فأتاهم في لأمته معه الرمح حتى وقف عليهم فقال لأبي أمامة أسعد: علام أتيتنا في دورنا بهذا الوحيد الغريب الطريد يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه لا أراك بعدها تسيء من جوارنا فقاموا ثم إنهم عادوا مرة أخرى لبئر بني مرق أو قريبا منها فذكروا لسعد بن معاذ الثانية فجاءهم فتواعدهم وعيدا دون وعيده الأول فقال له أسعد: يا بن خالة اسمع من قوله فإن سمعت حقا فأجب إليه
(٢٩٤)