وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٤٠٩
الناس منطقا وأحلاهم نغمة وذكر الخطيب في تاريخه أن أبا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث من سأل ابن سيرين فقال ابن سيرين صاحب هذه الرؤيا يثور علما لم يسبقه إليه أحد قبله قال الشافعي رضي الله عنه قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة فقال نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته وروى حرملة بن يحيى عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال الناس عيال على هؤلاء الخمسة من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة وكان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير ابن أبي سلمى ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي ومن أراد أن يتبحر في التفسير فهو عيال على مقاتل بن سليمان هكذا نقله الخطيب في تاريخه وقال يحيى بن معين القراءة عندي قراءة حمزة والفقه فقه أبي حنيفة على هذا أدركت الناس وقال جعفر بن ربيع أقمت على أبي حنيفة خمس سنين فما رأيت أطول صمتا منه فإذا سئل عن الفقه تفتح وسال كالوادي وسمعت له دويا وجهارة في الكلام وكان إماما في القياس قال علي بن عاصم دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذ من شعره فقال للحجام تتبع مواضع البياض فقال الحجام لا تزد فقال ولم قال لأنه يكثر قال فتتبع مواضع السواد لعله يكثر وحكيت لشريك هذه الحكاية فضحك وقال لو ترك أبو حنيفة قياسه لتركه مع الحجام
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»