فبلغه أن حران عصى عليه أهلها فرحل إليهم وحاربوه ففتحها وقتل خلقا كثيرا من أهلها وذلك في سنة ست وسبعين وأربعمائة واتسعت له المملكة ولم يكن من أهل بيته من ملك مثله وكانت سيرته من أحسن السير وأعدلها وكانت الطرقات آمنة في بلاده ومن جملة ما نقل عنه أن ابن حيوس الشاعر المقدم ذكره مات عنده وخلف أكثر من عشرة آلاف دينار فحمل ذلك على خزانته فرده وقال لا يتحدث عني أحد أنني أعطيت شاعرا مالا ثم شرهت فيه وأخذته وأنه دخل خزانتي مال جمع من أوساخ الناس وكان يصرف الجزية في جميع بلاده إلى الطالبيين ولا يأخذ منها شيئا وهو الذي عمر سور الموصل وكان ابتداء عمارته يوم الأحد ثالث شوال سنة أربع وسبعين وفرغ من عمارته في ستة أشهر وأخباره كثيرة وجرى بينه وبين سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب الروم مصاف قتل فيه على باب أنطاكية في خامس عشر صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة يوم الجمعة وغمره خمس وأربعون سنة وشهور هكذا قاله محمد بن عبد الملك الهمداني في كتابه الذي سماه المعارف المتأخرة وذكر أيضا ابن الصابي في تاريخه أن مولد مسلم بن قريش يوم الجمعة الثالث والعشرين من رجب سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة والله أعلم وذكر المأموني في تاريخه أنه وثب عليه خادم من خواصه فخنقه في الحمام وذكر له واقعة في ذلك وذلك في سنة أربع وسبعين والله أعلم بالصواب 267 ورتب السلطان ملكشاه السلجوقي المقدم ذكره ولده أبا عبد الله محمدا في الرحبة وحران وسروج وبلد الخابور وزوجه أخته زليخا بنت السلطان ألب أرسلان وكان والده مسلم بن قريش اعتقل أخاه أبا سالم إبراهيم ابن قريش بقلعة سنجار مدة أربع عشرة سنة فلما هلك مسلم وتقرر أمر ولده محمد في الإمارة اجتمع أهله على إبراهيم المذكور فأخرجوه وقدموه عليهم ثم اعتقله ملكشاه وولى ابن أخيه محمدا المذكور فلما مات ملكشاه أطلق
(٢٦٨)