منيعة وأقطارها واسعة والفيل الذي اشتهرت به هو طلسم من حجر على صورة فيل كان منصوبا على بناء شاهق في سالف الزمان ثم نقل الآن فنصب داخل المدينة بكنيسة الرهبان وبغربي قطانية وادي موسى النهر العظيم وهو يصب ببحرها وبه من السمك كل نهاية في العظم وحسن الذوق ومدينة طبرمين ولياج وقطانية بسفح جبل النار المتقدم ذكره من الناحية الشرقية منه ومن مدينة قطانية إلى حصن لنتيني مرحلة وهي قلعة حصينة متحضرة الأسواق كالمدينة وهي من البحر على ستة أميال وموضعها على ضفة النهر المنسوب إليها وتصعد فيه المراكب بأوساقها حتى تحط بين يديها من شرقيها وبغربيها أرض واسعة جدا فسيحة الأرجاء ممتدة الفضاء ولها بواديها أنواع من السمك الجليل المعدوم المثيل ما يحمل منه إلى جميع جهاتها وفي لنتيني أسواق عامرة وفنادق وبشر كثير ومنها إلى سرقوسة مرحلة كبيرة ومدينة سرقوسة من مشاهير المدن وأعيان البلاد تشد إليها المطي من كل حاضر وباد ويقصد إليها قصاد التجار من سائر جميع الأقطار وهي على ساحل البحر وهو محدق بها دائر بجميع جهاتها والدخول إليها والخروج عنها على باب واحد وهو بشمالها وشهرتها تغني عن التكثير من وصفها إذ هي منبر مشهور ومعقل مذكور وبها مرسيان ليس مثلهما في جميع البلدان أحدهما أكبر من الآخر وهو بجنوبها والآخر أشهر وهو بشمالها وفيها فوراة النبودي تنبع من جرف على حاشية البحر وهي عجيبة الأمر وبها ما بأكبر المدن من الأسواق ذوات السماطات والخانات والديار والحمامات والمباني الرائقة والأفنية الواسعة ولها إقليم كبير طائل وضياع ومنازل وهو خصيب المواضع زكي المزارع وتوسق منه السفن بالطعام وغيره من الأوساق إلى سائر البلاد والآفاق وبهذه
(٥٩٧)