نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٨
فأما مدينة سبتة فهي تقابل الجزيرة الخضراء وهي سبعة جبال صغار متصلة بعضها ببعض معمورة طولها من المغرب إلى المشرق نحو ميل ويتصل بها من جهة المغرب وعلى ميلين منها جبل موسى وهذا الجبل منسوب لموسى ابن نصير وهو الذي كان على يديه افتتاح الأندلس في صدر الإسلام وتجاوره جنات وبساتين وأشجار وفواكه كثيرة وقصب سكر وأترج يتجهز به إلى من البلاد لكثرة الفواكه بها ويسمى هذا المكان الذي جمع هذا كله بليونش وبهذا الموضع مياه جارية وعيون مطردة وخصب زائد ويلي المدينة من جهة المشرق جبل عال يسمى جبل المينة وأعلاه بسيط وعلى أعلاه سور بناه محمد بن أبي عامر عندما جاز إليها من الأندلس وأراد أن ينقل المدينة إلى أعلى هذا الجبل فمات عند فراغه من بنيان أسوارها وعجز أهل سبتة عن الانتقال إلى هذه المدينة المسماة بالمينة فمكثوا في مدينتهم وبقيت المينة خالية وأسوارها قائمة وقد نبت حطب الشعراء فيها وفي وسط المدينة بأعلى الجبل عين ماء لطيفة لكنها لا تجف البتة وهذه الأسوار التي تحيط بمدينة المينة تظهر من عدوة الأندلس لشدة بياضها ومدينة سبتة سميت بهذا الاسم لأنها جزيرة منقطعة والبحر يطيف بها من جميع جهاتها إلا من ناحية المغرب فإن البحر يكاد يلتقي بعضه ببعض هناك ولا يبقى بينهما إلا أقل من رمية سهم واسم البحر الذي يليها شمالا يسمى بحر الزقاق والبحر الآخر الذي يليها في جهة الجنوب يقال له بحر بسول وهو مرسى حسن
(٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 523 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»