وجميعها مؤذ يمنع أذاها من الترقي والصعود إلى أعلى الجبل ولو رام أحد الصعود إلى أعلاه ما أمكنه ذلك في يومين بل يمكن في أكثر من ذلك وربما تعلق بهذا الجبل النادر من الناس فيرقى ليرى ما في أعلاه ومن خلفه فلا يرجع ولا يمكن رجوعه إما لعدوان الحيوان عليه أو لقبض الأمم التي خلف الجبل على من طرأ عليهم من سائر الأمم وربما رجع بالخبر الشاذ منهم فيخبر أنه رأى بالليل في تلك الأرض التي خلف الجبل نيرانا كثيرة وأما بالنهار فلا يرى شيئا إلا ضبابا وسرابا مختلطا متصلا وهذا الصنف من الترك المسمى أذكش يقال إنهم عراض الوجوه كبار الرؤوس شعورهم كثيرة وأعينهم براقة وكلامهم كلام منفرد بذاته وعبادتهم النيران وسائر الأنوار وبالشمال من أرضهم جبل كبير يسمى جبل فرغان وهو آخذ في الطول من المغرب إلى المشرق نحو ثماني عشرة مرحلة وفي وسط هذا الجبل موضع عال كالقبة مستدير وفي وسطها بركة ماء لا يعرف أحد عمقها فلا يسقط فيها شيء إلا ابتلعته فلا يرى ولا يقدر أحد من الناس على العوم فيها ولا شيء من سائر الحيوان وكذلك إن وضع العود فيها ابتلعته وهذا عجب عجيب وفي أسفل هذا الجبل مما يلي الجنوب ويقابل أسفل تلك البركة مغارة يسمع فيها دوي كثير هائل يعلو صوته مرة ويقل في وقت آخر ولا يعلم ما سبب ذلك الصوت وإن تقدم إلى فم هذه المغارة المذكورة حيوان من إنسان أو بهيمة من قبالته فلا يرى ويذكر أنه تخرج من تلك المغارة ريح تجتذب
(٨٤٧)