نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٥
والفواكه وهي أحسن البلاد بقعة وأكثرها فائدا والتجارات إليها داخلة وخارجة ومن مدينة يبورة إلى مدينة بطليوس مرحلتان في شرق ومدينة بطليوس مدينة جليلة في بسيط الأرض وعليها سور منيع وكان لها ربض كبير أكبر من المدينة في شرقيها فخلا بالفتن وهي على ضفة نهر يانة وهو نهر كبير ويسمى النهر الغؤور لأنه يكون في موضع يحمل السفن ثم يغور تحت الأرض حتى لا يوجد منه قطرة فسمي الغؤور لذلك وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب في قريب من جزيرة شلطيش ومن مدينة بطليوس إلى مدينة إشبيلية ستة أيام على طريق حجر ابن أبي خالد إلى جبل العيون إلى إشبيلية ومن مدينة بطليوس إلى مدينة قرطبة على الجادة ستة مراحل ومن بطليوس إلى مدينة ماردة على نهر يانة شرقا ثلاثون ميلا وبينهما حصن على يمين المار إلى ماردة ومدينة ماردة كانت دار مملكة لماردة بنت هرسوس الملك وبها من البناء آثار ظاهرة تنطق عن ملك وقدرة وتعرب عن نخوة وعزة وتفصح عن عظة وعبرة فمن هذه البنأات إن في غربي المدينة قنطرة كبيرة ذات قسي عالية الذروة كثيرة العدد عريضة المجاز وقد بني على ظهر القسي أقباء تتصل من داخل المدينة إلى آخر القنطرة ولا يرى الماشي بها وفي داخل هذا الداموس قناة ماء تصل المدينة ومشي الدواب والناس على أعلى تلك الدواميس وهي متقنة البناء وثيقة التأليف حسنة الصنعة والمدينة عليها سور حجارة منجورة من أحسن صنعة وأوثق بناء ولها في قصبتها قصور خربة وفيها دار يقال لها دار الطبيخ وذلك أنها في ظهر مجلس القصر وكان الماء يأتي دار الطبيخ في
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»