وأما معرفته بالعلوم الرياضيات والعمليات فلا تدرك بعد ولا تحصر بحد لكونه قد أخذ في كل فن منها بالحظ الأوفى وضرب فيه بالقدح المغلى ولقد اخترع من المخترعات العجيبة وابتدع من الإبتداعات الغريبة مالم يسبقه أحد من الملوك إليه ولا تفرد به وها هي ظاهرة للعيان واضحة الدليل والبرهان ومسيرها في الأمصار وانتشار ذكرها في جميع النواحي الأقطار أغنانا عن ذكرها مفصلة ومتنوعة والإتيان بها متفرقة ولا مجتمعة مع أنا لو ذهبنا إلى وصفها وأعملنا الفكرة في تسطيرها ورصفها لبهرتنا آياته المعجزة معانيها المتعززة مراميها ومن ذا الذي يحصي ويبلغ عدد الحصى فيه إلى الغرض الأقصى فمن بعض معارفه السنية ونزعاته الشريفة العلوية أنه لما اتسعت أعمال مملكته وتزايدت همم أهل دولته وأطاعته البلاد الرومية ودخل أهلها تحت طاعته وسلطانه أحب أن يعرف كيفيات بلاده حقيقة ويقتلها يقينا وخبرة ويعلم حدودها ومسالكها برا وبحرا وفي أي إقليم هي وما يخصها من البحار والخلجان الكائنة بها مع معرفة غيرها من البلاد والأقطار في الأقاليم السبعة التي اتفق عليها المتكلمون وأثبتها في الدفاتر الناقلون والمؤلفون وما لكل إقليم منها من قسم بلاد يحتوي عليه ويرجع إليه ويعد منه بطلب ما في الكتب المؤلفة في هذا الفن من علم ذلك كله مثل كتاب العجائب للمسعودي وكتاب أبي نصر سعيد الجيهاني وكتاب أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبه وكتاب أحمد بن عمر العذري وكتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي وكتاب خاناخ بن خاقان الكمياكي وكتاب موسى بن قاسم القدردي وكتاب أحمد بن يعقوب المعروف باليعقوبي وكتاب
(٥)