نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٩١
أمسكه الوالي وكتبه على نفسه باسم أمير المؤمنين والعدل لا يفارقهم في البيع والشراء حتى لا يضام منهم أحد ولا يشكو ظلما والجوهر يتكون حبه خلقا في هذا الصدف على ما يصفه أهل بحر فارس من ماء مطر نيسان وإن لم يمطر مطر نيسان لم يجد الغواصون منه شيئا في سنتهم تلك وهذا عندهم شيء مشهور صحيح متفق عليه بينهم والغوص في بلاد فارس صنعة تتعلم وينفق عليها الأموال في تعليمها وذلك أنهم يتدربون في رد أنفاسهم على آذانهم حتى أن الرجل منهم في أول تعليمه تتزكم أذناه وتتسلط وتسيل منهما المادة ثم يتعالجون من ذلك فيبرؤون منه وأعلاهم أجرة أصبرهم تحت الماء وكل واحد منهم يميز صاحبه ولا يتعدى طوره ولا ينكر فضل من تقدمه وفاقه في المعرفة والصبر وفي هذا البحر الفارسي جميع مغايص اللؤلؤ وأمكنته ثم إن أمكنته نحو من ثلاثمائة مكان مقصودة كلها مشهورة بالغوص وقد ذكرنا منها أكثرها عند ذكر أمكنتها في مواضعها من سواحل البحور والجزائر ومغايص بحر فارس أكثر نفعا وأمكن وجودا للطلب من سائر البحور الهندية واليمنية وقد ذكرنا من ذلك ما فيه بلغة بل كفاية ولنرجع الآن إلى ما كنا فيه من ذكر البلاد وصفاتها وطرقاتها على الكمال بحول الله فمن ذلك صفة الطريق من البصرة إلى البحرين ثم إلى اليمامة على البادية وهو طريق العرب وقليلا ما يسلكه التجار فمن ذلك ان الخارج عن البصرة يسير إلى منزل في الصحراء فيه عين ماء مرحلة ثم إلى كاظمة مرحلة
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»