نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
أوسع ما يكون قدر ثلاثة مجار ثم لا يزال يضيق حتى يرى من بعض جوانبه الجانب الآخر وأوسع مكان فيه حيث القلزم وبحر القلزم في ذاته كالنهر وفيه جبال عادية فوق الماء وفيه تروش وقالات ظاهرة ومخفية وطرق السفن فيما بينها معلومة لا يدخل بينها إلا الربانيون وأولو المعرفة بالبحر والتمهر في الرياسة فيه العالمون بطرقاته المجترئون على مجالاته والسير في هذا البحر بالنهار فقط وأما بالليل فلا يسير أحد فيه لصعوبة طرقه وتعاريج مسالكه وكثرة معاطبه والقلزم كانت مدينتين وهما الآن أكثرهما خراب لتسلط العرب عليهما وأخذهم ما بأيدي أهليهما والتضييق الدائم عليهم حتى قلت عمارتهما وخاف قاصدهما وانقطعت طرق تجاراتهما وفنى ما بأيدي أهليهما وضاقت معايشهم وشرب أهلهما من عين السويس وهي عين ناشفه في وسط الرمل وماؤها ماء زعاق لا يسيغه شارب وبين القلزم ومصر تسعون ميلا وكذلك من القلزم إلى الفرما في البر ما يلي الشمال سبع مراحل وهو ما بين البحر القلزمي والبحر الشامي من المسافة وما بينهما يسمى فحص التيه وهناك تاهت بنو إسرائيل في زمن موسى عليه السلام وبالقلزم تنشأ السفن السائره في هذا البحر وإنشاؤها شيء طريف وذلك أن الكلكل ينبسط على الأرض عريضا ثم لا يزال اللوح يتركب منه على
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»