والمسافة من مصر إليها ثلاثمائة فرسخ وتقع المدن والولايات كلها على شاطئ النيل وتسمى هذه الولاية أسوان بالصعيد الأعلى ولا تستطيع السفن عبور النيل حين تصل لأسوان لأن الماء يخرج هناك من شلالات فيندفع سريعا وولاية النوبة جنوبي أسوان ولها ملك خاص وسكانها سود البشرة ودينهم النصرانية ويذهب اليه التجار ويبيعون الخرز والأمشاط والمرجان ويجلبون منها الرقيق والرقيق في مصر إما نوبيون وإما روم وقد رأيت قمحا وذرة من النوبة كلاهما أسود ويقال ان حقيقة منابع النيل لم تعرف وسمعت ان سلطان مصر ارسل بعثة لتتبع شاطئ النيل سنة كاملة ودرسه ولكن أحدا لم يعرف حقيقة منبعه ويقال انه يأتي من جبل في الجنوب يسمى جبل القمر حين تبلغ الشمس مدار السرطان يزداد النيل فيرتفع عشرين ذراعا عما كان مستقرا عليه في الشتاء وهكذا يتزايد يوما بعد يوم وقد أعدوا له في مصر مقاييس وعلامات ورتبوا عاملا وظيفته ألف دينار للمحافظة عليها ولتسجيل الزيادة ومنذ أول يوم للفيضان يطوف منادون في المدينة منادين بأن الله تعالى قد زاد النيل كذا أصبعا ويذكرون مقدار زيادته كل يوم وحين تبلغ الزيادة ذراعا كاملا تضرب البشائر ويفرح الناس حتى تبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وهي الزيادة المعهودة يعني أنه كلما قلت الزيادة عن ذلك قيل إن النيل ناقص فتصدقوا ونذروا النذور وعلاهم الغم فإذا زاد عن هذا القدر فرحوا وأظهروا الغبطة وما لم يصل الارتفاع إلى ثمانية
(٨١)