عبد الرحمن يدعوه إلى الدعة والكف عن الفتنة فساروا فلما كانوا ببعض الطريق بلغتهم ولاية مروان بن محمد فأرادوا الانصراف وبلغ عبد الرحمن أن حنظلة قد أرسل إليه رسلا وكانوا خمسين رجلا وأنهم يريدون الانصراف فأرسل إليهم خيلا فأصرفتهم إليه ووجد عبد الرحمن عليهم لخروجهم إليه وكانوا قد كاتبوه قبل ذلك سرا من حنظلة فلما بلغتهم ولاية مروان نزعوا عن ذلك فبعث بهم إلى تونس في الحديد وكتب عبد الرحمن إلى حنظلة أن يخلي له القيروان وأن يخرج منها وأجله ثلاثة أيام وكتب إلى صاحب بيت المال ألا يعطيه دينارا ولا درهما إلا ما حل له من أرزاقه فلما قرأ حنظلة الكتاب هم بقتاله ثم حجزه عنه الورع وكان ورعا فخرج بمن خف معه من أصحابه من أهل الشأم وذلك في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ومائة ودخل عبد الرحمن بن حبيب القيروان في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة ثم بعث عبد الرحمن أخاه ابن حبيب عاملا على أطرابلس فأحذ عبد الله بن مسعود التجيبي وكان إباضيا ورئيسا فيهم فضرب عنقه واجتمعت الإباضية بأطرابلس فعزل عبد الرحمن أخاه وولى حميد بن عبد الله العكي وكان على الإباضية حين اجتمعت عبد الجبار بن قيس المرادي ومعه الحارث بن تليد الحضرمي فحاصروا حميد بن عبد الله في بعض قرى أطرابلس ووقع الوبأ في أصحابه فخرج بعهد وأمان فلما خرجوا أخذ عبد الجبار بن قيس نصير بن راشد مولى الأنصار فقتله وكان من أصحاب حميد وكانوا يطلبونه بدم عبد الله بن مسعود التجيبي المقتول واستولى عبد الجبار على زناتة وأرضها فكتب عبد الرحمن بن حبيب إلى يزيد بن صفوان المعافري بولاية أطرابلس ووجه مجاهد بن مسلم الهواري يستألف الناس ويقطع عن عبد الجبار هوارة وغيرهم فأقام مجاهد في هوارة أشهرا ثم طردوه فلحق بيزيد بن صفوان بأطرابلس فوجه عبد الرحمن بن حبيب محمد بن مفروق في خيل وكتب إلى يزيد بن صفوان بالخروج معه فخرجوا فلقيهم عبد الجبار بن قيس والحارث بن تليد بمكان من أرض هوارة فقتل يزيد بن صفوان ومحمد بن مفروق وانهزم مجاهد بن مسلم إلى أرض هوارة فقفل عبد الرحمن بن حبيب واجتمع إليه جمع كثير فزحف بهم إلى عبد الجبار والحارث بن تليد فلقيهم بأرض زناتة فانهزم عمرو بن عثمان وأصحابه وستولى عبد الجبار والحارث على أطرابلس كلها ثم خرج عمرو بن عثمان إلى دغوغا ومعه مجاهد بن مسلم واتبعه الحارث بن تليد فوجه عمرو من دغوغا إلى أرض الصحراء فأدركه الحارث فتقدم عمرو إلى سرت فأدركته خيل الحارث فقتلوا نفرا من أصحابه ونجا عمرو على فرسه جريحا واحتوى الحارث على عسكره واستفحل أمر عبد الجبار والحارث ثم اختلف أمرهما وتفاقم ما بينهما فاقتتلا فقتل عبد الجبار والحارث جميعا فولى البربر على أنفسهم إسماعيل بن زياد النفوسي فعظم شأنه وكثر بيعه فخرج إليه عبد الرحمن بن حبيب حتى إذا كان بقابس قدم ابن عمه شعيب بن عثمان في خيل فلقي إسماعيل فقتل إسماعيل وأصحابه وأسر من البربر أسارى كثيرة وكان عبد الرحمن مقيما في عسكره ولم يشهد الوقعة فنهض حين فتح له إلى سوق أطرابلس ومعه الأسارى وكتب إلى عمرو بن عثمان فقدم عليه من أرض سرت وقدم
(٣٧٣)