معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ١١
وهم سموا قديما سمرقندا، وهم غرسوا هناك التبتينا وأهلها فيما زعم بعضهم على زي العرب إلى هذه الغاية، ولهم فروسية وبأس شديد، وقهروا جميع من حولهم من أصناف الترك، وكانوا قديما يسمون كل من ملك عليهم تبعا اقتداء بأولهم، ثم ضرب الدهر ضربه فتغيرت هيئتهم ولغتهم إلى ما جاورهم من الترك فسموا ملوكهم بخاقان، والأرض التي بها ظباء المسك التبتي والصيني واحدة متصلة وإنما فضل التبتي على الصيني لامرين: أحدهما أن ظباء التبت ترعى سنبل الطيب وأنواع الأفاويه وظباء الصين ترعى الحشيش، والامر الآخر: أن أهل التبت لا يعرضون لاخراج المسك من نوافجه، وأهل الصين يخرجونه من النوافج فيتطرق عليه الغش بالدم وغيره، والصيني يقطع به مسافة طويلة في البحر فتصل إليه الأنداء البحرية فتفسده، وإن سلم المسك التبتي من الغش وأودع في البراني الزجاج وأحكم عفاصها ورد إلى بلاد الاسلام من فارس وعمان وهو جيد بالغ، وللمسك حال ينقص خاصيته، فلذلك يتفاضل بعضه على بعض، وذلك أنه لا فرق بنى غزلاننا وبين غزلان المسك في الصورة ولا الشكل ولا اللون ولا القرون وإنما الفارق بينهما بأنياب لها كأنياب الفيلة، فإن لكل ظبي نابين خارجين من الفكين منتصبين نحو الشبر أو أقل أو أكثر، فينصب لها في بلاد الصين وتبت الحبائل والشرك والشباك فيصطادونها وربما ورموها بالسهام فيصرعونها ثم يقطعون عنها نوافجها والدم في سررها خام لم يبلغ الانضاج، فيكون لرائحته زهوكة تبقى زمانا حتى تزول، وسبيل ذلك سبيل الثمار إذا قطعت قبل النضج فإنها تكون ناقصة الطعم والرائحة، وأجود المسك وأخلصه ما ألقاه الغزال من تلقاء نفسه، وذلك أن الطبيعة تدفع سواد الدم إلى سرته فإذا استحكم لون الدم فيها ونضج آذاه ذلك وأحدث له في سرته حكة فيندفع إلى أحد الصخور الحادة فيحتك به، فيلتذ بذلك، فينفجر ويسيل على تلك الأحجار كانفجار الجراح والدماميل إذا نضجت، فيجد الغزال بخروج ذلك لذة، حتى إذا فرغ ما في نافجته، وهي سرته وهي لفظة فارسة، اندملت وعادت فدفعت إليه مواد من الدم فتجتمع ثانية كما كانت أولا، فتخرج رجال التبت فيتبعون مراعيها بين تلك الأحجار والجبال فيجدون الدم قد جف على تلك الصخور وقد أمكن الانضاج، فيأخذونه ويودعونه نوافج معهم، فذلك أفضل المسك وأفخره، فذلك الذي تستعمله ملوكهم ويتهادونه بينهم وتحمله التجار في النادر من بلادهم. ولتبت مدن كثيرة، وينسبون مسك كل مدينة إليها، ويقال: إن وادي النمل الذي مر به سليمان بن داود، عليه السلام، خلف بلاد التبت وبه معدن الكبريت الأحمر، قالوا: وبالتبت جبل يقال له جبل السم، إذا مر به أحد تضيق نفسه فمنهم من يموت ومنهم من يثقل لسانه.
تبراك: بالكسر ثم السكون، وراء، وألف، وكاف: موضع بحذاء تعشار، وقيل: ماء لبني العنبر، وفي كتاب الخالع: تبراك من بلاد عمرو ابن كلاب فيه روضة ذكرت مع الرياض، وحكى أبو عبيدة عن عمارة أن تبراك من بلاد بني عمير قال:
وهي مسبة لا يكاد أحد منهم يذكرها لمطلق قول جرير:
إذا جلست نساء بني عمير على تبراك أخبثن الترابا فإذا قبل لأحدهم: أين تنزل? يقول: على ماء، ولا
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»