حجر، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة، وكان أعمى، وهو ممن يروي الموضوعات عن الثقات حتى ربما يسبق إلى القلب أنه كان يتعمد ذاك، لكثرة ما يأتي به، وكان يحيى بن معين يقول: هو كذاب.
وأبو عبد الرحمن الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الطايي، أبوه من أهل واسط، وأمه من سبي منبج، وولد الهيثم بالكوفة وبها نشأ، ثم انتقل إلى بغداد وسكنها، ومات بها، قال أبو حاتم بن حبان البستي: الهيثم بن عدي كان من علماء الناس بالسير وأيام الناس وأخبار العرب، إلا أنه روى عن الثقات أشياء كأنها موضوعة، يسبق إلى القلب أنه كان يدلسها، فألزقت تلك المعضلات به، ووجب مجانبة حديثه على علمه بالتاريخ ومعرفته بالرجال، ولكن صناعة الحديث صناعة من لم يقنع بيسير ما سمع عن كثير ما فاته: لم يفلح فيها، وإن لم يقبل حديثه على الأيام لبالحري أن لا تستحيله الأنام، وكل من حدث عن كل من سمع في الأيام ما عنده: عرض نفسه للقدح فيه والملام، ولست أعلم للمحدث إذا لم يحسن صناعة الحديث خطة خيرا له أن ينظر إلى كل حديث يقال له: إن هذا غريب ليس عند غيرك: أن يضرب عليه في كتابه ولا يحدث به، لئلا يكون ممن ينفرد بما لو أراد الحاسد أن يقدح فيه تهيأ له، فأما من الحديث صناعته فلا يحل له ولا يسعه أن يروي إلا عن شيخ ثقة بحديث صحيح، يكون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بنقل العدل عن العدل موصولا.
ثم أبو سليمان داود بن المحبر بن قحذم بن سليمان بن ذكوان الطايي البصري، من أهل البصرة، نزل بغداد، وهو مصنف " كتاب العقل ". حدث عن شعبة، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وعباد بن كثير، وصالح المري، والهيثم بن حماد، وعدي بن الفضل، وعبد الواحد بن زياد، وغياث بن إبراهيم، وإسماعيل بن عياش، وهياج بن بسطام وطبقتهم. روى عنه محمد بن الحسين البرجلاني، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، والحسن بن مكرم البزاز، وأبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي وغيرهم.
واختلف الناس فيه فمن موثق ومن مكذب. ذكره يحيى بن معين فأحسن الثناء عليه وذكره بخير وقال: ما زال معروفا بالحديث يكتب الحديث، ثم ترك الحديث وذهب فصحب قوما من المعتزلة وأفسدوه، وهو ثقة، وقال يحيى بن معين في موضع آخر: داود ليس بكذاب، وقد كتبت عن أبيه المحبر بن قحذم، وكان داود ثقة، ولكنه جفا الحديث ثم