الأنساب - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
فجاء به إلى سوق الحدادين إلى كور محمى عظيم فيه حديدة عظيمة فأدخل يده فأخذها فبردت في يده فقال (له) يجزيك (1)؟ قال: فأعظم ذلك وأكبره، ثم مضى. وكان أبو حفص أعجمي اللسان فلما دخل بغداد قعد معهم يكلمهم بالعربية، وكان يقول: الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج إليها، والاقبال على الله لاحتياجك إليه. وحكي أن أبا حفص لما قدم بغداد نزل على الجنيد فحكى أبو عمرو بن علوان سمعت الجنيد يقول: أقام عندي أبو حفص سنة مع ثمانية أنفس فكنت كل يوم أقدم لهم طعاما جديدا وطيبا جديدا - وذكر أشياء من الثياب وغيره فلما أراد أن يمر كسوته وكسوت جميع أصحابه، فلما أراد أن يفارقني قال لو جئت إلى نيسابور علمناك الفتوة والسخاء، قال ثم قال: هذا الذي عملت كان فيه تكلف، إذا جاءك الفقراء فكن معهم بلا تكلف، حتى إن جعت جاعوا وإن شبعت شبعوا، حتى يكون مقامهم وخروجهم من عندك شيئا واحدا. وسئل أبو حفص عن الفتوة وقت خروجه من بغداد، فقال:
الفتوة تؤخذ استعمالا ومعاملة لا نطقا. فعجبوا من كلامه، ومات سنة خمس وستين ومائتين، وقيل سنة سبع وستين، وقيل سنة سبعين ومائتين، بنيسابور، وزرت قبره غير مرة. ومن القدماء أبو المقدام ثابت بن هرمز الحداد يروي عن سعيد بن المسيب وزيد بن وهب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الحكم والثوري وابنه عمرو بن ثابت. وأحمد بن السندي بن الحسن الحداد، يروي عن الحسن بن علوية كتاب المبتدأ، وعن الفريابي ومحمد بن العباس المؤدب وغيرهم. وإدريس بن عبد الكريم الحداد المقرئ، يروي عن أحمد بن حنبل وخلف البزار ومحرز بن عون وعاصم بن علي وغيرهم، وقرأ علي خلف بن هشام القرآن.
الحدادي: بفتح الحاء المهملة وتشديد الدال الأولى وكسر الثانية المهملتين، هذه النسبة إلى صنعة الحدادة وإلى قرية بقومس، أما النسبة إلى عمل الحديد فجماعة كثيرة، منهم الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن مهران الحدادي المروزي، كان يتولى الحكومة عن القضاة بمرو وبخارا، وكان فقيها فاضلا من أصحاب الرأي، سمع محمد بن علي بن إبراهيم الحافظ وإسحاق بن إبراهيم التاجر وعبد الله بن محمود السعدي وحماد بن أحمد السلمي وغيرهم، روى عنه جماعة آخرهم أبو غانم (2) أحمد بن علي بن الحسين الكراعي ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ فقال: أبو الفضل

(١) في ك " تحريك " وفي غيرها " يحرقك " والتصحيح من تاريخ بغداد ج ١٢ رقم 6671.
(2) مثله في اللباب وغيره وهكذا يأتي في رسم (الكراعي) ووقع هنا في س و م وع " أبو حاتم " كذا.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»