المجلس وحضرته متنكرا من حيث لم يعلم بي أحد فخرج وأملي الحديث من أصل كتابه وكتبته وأملي غير حديث مما كان قد امتنع علي فيها، ثم بلغني بعد ذلك أن عبدان قال لبعض أصحابه: فوتنا أبا علي النيسابوري تلك الأحاديث، وقيل له يا با محمد إنه كان في المجلس وقد سمع الأحاديث (كلها) فتعجب من ذلك وكان أبو علي يقول كان عبدان يفي بحفظ مائة ألف حديث. ثم قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: وعقد له مجلس الاملاء سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وهو ابن ستين سنة فإن مولده كان سبع وسبعين، ثم لم يزل يحدث بالمصنفات والشيوخ بقية عمره وتوفي عشية (يوم) الأربعاء ودفن عشية (يوم) الخميس الخامس عشر من جمادى الأولى من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وغسله أبو عمرو بن مطر، وصلى عليه أبو بكر بن المؤمل، ودفن في مقبرة باب معمر. وأما أبو إسحاق إبراهيم بن أورمة بن سياوش بن فروخ الحافظ الأصبهاني، من أهل أصبهان، كان حافظا مكثرا من الحديث، وكان يفيد ببغداد وأصيب بكتبه أيام فتنة البصرة، وحفظ من حديثه القليل في المذاكرة، وبقي في بغداد وبالبصرة يفيد الناس، روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني وإسماعيل ابن أحمد بن أسيد ومحمد بن يحيى وغيرهم، وتوفي ببغداد سنة إحدى وسبعين ومائتين وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة بن حمزة بن يسار ابن عبد الرحمن بن حفص الحافظ، - وحفص أخو أبي مسلم صاحب الدولة - أحد الأئمة في الحفظ، وكان في المتقنين الضابطين، حدث عن أبي شعيب الحراني وأحمد بن يحيى الحلواني ويوسف القاضي ومطين وغيرهم، روى عنه أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ، ومات في شهر رمضان لتسع خلون منه من سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة بأصبهان.
الحافي: بفتح الحاء المهملة والفاء، اشتهر بهذا أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي المعروف بالحافي، من أهل مرو، نزل بغداد، قال أبو الفضل الفلكي الحافظ: لقب بشر بن الحارث بالحافي لأنه جاء إلى حذاء يطلب منه شسعا - وكان قد انقطع أحد نعليه - فقال صاحب الشسع: ما أكثر مؤنتكم على الناس! فطرح النعل من يده وقال برجله هكذا ورمي بالأخرى، وآلى أن لا يلبس نعلا وكان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل وحسن الطريقة واستقامة المذهب وعزوف النفس وإسقاط الفضول، سمع إبراهيم بن سعد الزهري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحماد بن زيد وشريك بن عبد الله والمعافي بن عمران الموصلي وفضيل بن عياض ويحيى بن اليمان وعبد الله بن المبارك وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس وعبد الله بن داود الخريبي وأبا معاوية الضرير وزيد ابن أبي الزرقاء، وكان كثير الحديث