رجل صدق ثم استعفى بشيء أنكره فأعفى فولى مكانه إبراهيم بن الجراح وكان يذهب إلى قول أصحاب أبي حنيفة. ولم يكن بالمذموم أول ولايته حتى قدم ابنه عليه أول ولايته من العراق فتغيرت حاله وفسدت أحكامه فلم يزل قاضيا إلى سنة إحدى عشرة ومائتين فدخل عبد الله بن طاهر البلد فعزله. وولى عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر وخرج إبراهيم ابن الجراح إلى العراق فمات. فأجرى عبد الله بن طاهر على عيسى بن المنكدر أربعة آلاف درهم في الشهر. وهو أول قاض أجرى عليه ذلك وأجازه بألف دينار فلما قدم المعتصم مصر في سنة أربع عشرة ومائتين كلمه فيه ابن أبي داود فأمره فوقف عن الحكم ثم أشخص إلى العراق فمات وبقيت مصر بغير قاض حتى ولى المأمون هارون بن عبد الله أبا يحيى الزهري القضاء فقدم البلد لعشر ليال بقين في شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين وكان محمودا عفيفا محببا في أهل البلد وقد كتبت أخباره في أخبار قضاة بغداد فلم يزل على القضاء إلى شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين فكتب إليه أن يمسك عن الحكم وكان قد نقل مكانه علي بن أبي داود.
وقدم أبو الوزير واليا على خراج مصر وقدم معه بكتاب ولاية ابن أبي الليث على القضاء فلم يزل قاضيا إلى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين فعزل وحبس وبقيت مصر بغير قاض وكان ابن أبي الليث رجل سوء.
ثم ولى أبو عمرو الحرث بن مسكين في جماد الأول سنة سبع وثلاثين ومائتين جاءته ولاية القضاء وهو بالإسكندرية فلم يزل قاضيا حتى صرف يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين