معاصرا لمعاوية، وعاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان. عدة الشماخي (1) في التابعين وقال: " كان على ما حفظت ممن خرج إلى مكة لمنع حرم الله من مسلم (بن عقبة المري) عامل يزيد (ابن معاوية) وكان كثيرا ما يبدي النصائح لعبد الملك بن مروان، وفي حفظي أنه يصدر في أمره عن رأي جابر بن زيد " (2).
انتهى. وعده محمد بن زكريا الباروني (3).
في مقدمة أبناء النصف الثاني من المئة الأولى للهجرة، بعد جابر بن زيد.
وقال القلهاتي (4) وهو من مؤرخي الإباضية كالشماخي والباروني: " نشأ في زمان معاوية بن أبي سفيان، وعاش إلى زمان عبد الملك بن مروان، وكتب إليه بالسيرة المشهورة ". وأراد بالسيرة " رسالة " بعث بها عبد الله بن إباض إلى عبد الملك بن مروان، يقول فيها بعد البسملة والمقدمة:
جاءني كتابك مع سنان بن عاصم الخ (5) ويذكر فيها أنه أدرك معاوية ورأى عمله وسيرته. ونقل نشوان الحميري (6) عن أبي القاسم البلخي المعتزلي (7): " حكى أصحابنا - يعني المعتزلة - أن عبد الله لم يمت حتى ترك قوله أجمع، ورجع إلى الاعتزال " وليس في كتب الإباضية ما يؤيد هذا. وفي الكامل للمبرد: قول ابن إباض، أقرب الأقاويل إلى السنة (8) وفي هامش على الأغاني (9) لم يذكر مصدره: " خرج ابن إباض في أيام مروان بن محمد ". وهذا وهم، فقد مات قبل أيام مروان بأربعين عاما. وانتشر مذهبه قديما في بربر المغرب. قال ابن الخطيب (1): " رغب الإباضيون من البربر في موادعة روح بن حاتم إلى أن توفي " وكانت وفاة روح سنة 174 ه.
وعرف مذهب ابن إباض، باسمه، قبل هذا التاريخ، قال الذهبي (2):
" إن عكرمة كان يرى رأي الإباضية، وتوفي سنة 105 ه) ولا ريب في أن الخطيب البغدادي (3) عنى شخصا آخر في القصة الآتية: " قال المأمون لحاجبة:
أنظر من في الباب من أصحاب الكلام، فقال: بالباب أبو الهذيل العلاف، وهو معتزلي، وعبد الله بن إباض وهو إباضي ".
أكثر مترجمية يضبطون " إباض " بكسر الهمزة، ويذكر المقريزي (4) بعد أن عرفه برأس الإباضية وبأنه كان " من غلاة المحكمة " أنه " خرج في أيام مروان - كذا " ثم قال: " ويقال: إن نسبة الإباضية إلى إباض - بضم الهمزة - وهي قرية بالعرض من اليمامة نزل بها نجدة ابن عامر ". ويقول الزبيدي (5) في كلامه على ابن إباض: " كان مبدأ ظهوره في خلافة مروان الحمار " وهذا وما قبله يعنيان أنه ظهر بين سنتي 127 و 132 ه، أيام حكم مروان، وهو لا يتفق مع ما قدمناه وثقات أصحابه متفقون على أن وفاته كانت في أواخر أيام عبد الملك بن مروان.
وعبارة ابن العماد (6) في حوادث سنة 130 ه، تشير إلى أن عبد الله كان قبل هذا التاريخ، فهو يقول: " فيها كانت فتنة الإباضية المنسوبين إلى عبد الله بن إباض، وكان داعيتهم في هذه الفتنة عبد الله بن يحيى الجندي الكندي الحضرمي طالب الحق وكانت لهم وقعة بقديد مع عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان، فقتل عبد العزيز ومن معه من أهل المدينة، فكانوا سبعمائة أكثرهم من قريش " ويزيف دي موتلنسكي (De Motylinski. A) (1) ما أورده الشهرستاني (2) من أن عبد الله ابن إباض اشترك في ثورة طالب الحق - المقدم ذكرها - ويقول: " إن مصادر أخري أجدر بالثقة تذكر وفاة ابن إباض في أيام عبد الملك ". وأخبار الإباضيين كثيرة في التاريخ القديم والحديث.
ولا يزال مذهبهم منتشرا، قال باحث من معاصرينا (3) " لا تزال بقية هؤلاء في بلاد الجزائر، وهم يعيشون على وتيرة منظمة وتقاليد عريقة، ولا تحكم بينهم محاكم الدولة، وإذا ماطل مدين دائنه دخل المسجد وأعلن ذلك، وحينئذ يقاطع الناس المدين فلا يسلمون عليه ولا يعاملونه حتى يوفي ما عليه " قلت: وهم في المشرق، اليوم، أكثر أهل " المملكة العمانية " ولهم فيها الإمامة والسيادة. أما في الجزائر فبلاد " وادي ميزاب " معظم سكانها إباضية، ولهم في كل بلد منها " مجلس " يسمى " مجلس العزابة " بفتح العين وتشديد الزاي، وهو جمع " عازب " ويعنون به من انقطع للعلم والدين، عزوبا عن الدنيا، ويتألف من نحو عشرة أشخاص يجتمعون في مسجد البلد، ويفصلون بين المتقاضين، ابتعادا عن الرجوع إلى المحاكم غير الاسلامية، وقد كانت فرنسية، ومن أبي حكمهم أعلنوا البراءة منه فيقاطع حتى يرد الحق ويتوب (4).