وقال أبو جعفر التستري سمعت أبا زرعة يقول ما سمع اذني شيئا من العلم إلا وعاه قلبي وإن كنت لامشي في سوق بغداد فاسمع من الغرف صوت المغنيات فأضع إصبعي في اذني مخافة أن يعيه قلبي وقال أبو حاتم حدثني أبو زرعة وما خلف بعده مثله علما وفقها وفهما وصيانة وصدقا ولا أعلم في المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله قال وإذا رأيت الرازي يتنقص أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع وروى البيهقي عن ابن وارة قال كنا عند إسحاق بنيسابور فقال رجل سمعت أحمد يقول صح من الحديث سبعمائة الف حديث وكسر وهذا الفتى يعني أبا زرعة قد حفظ ستمائة الف حديث وقال البيهقي وإنما أراد ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصحابة وفتاوى من أخذ عنهم من التابعين وقال محمد بن جعفر بن حمكويه قال أبو زرعة أحفظ مائة الف حديث كما يحفظ الانسان قل هو الله أحد.
وقال أبو جعفر التستري سمعت أبا زرعة يقول إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته واني أعلم في أي كتاب هو في أي ورقة هو في أي صفح هو في أي سطر هو. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم يعنى ابن وارة والفضل بن العباس المعروف بفضلك فجرى بينهم مذاكرة فذكر محمد بن مسلم حديثا فأنكر فضلك الصائغ فقال يا أبا عبد الله ليس هكذا هو فقال كيف هو فذكر رواية أخرى فقال محمد بن مسلم لابي زرعة أيش تقول فسكت فألح عليه فقال هاتوا أبا القاسم ابن أخي فدعي به فقال إذهب فادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والثاني والثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر فذهب فجاء بالدفتر فتصفح أبو زرعة وأخرج الحديث فدفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه وقال نعم غلطنا.
قال أبو سعيد بن يونس مات بالري آخر يوم من ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين وقال ابن المنادي كان مولده سنة مائتين. قلت: وقال ابن حبان في الثقات كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس توفي سنة (68) كذا قال وفي الزهرة روى عنه مسلم حديثين.