ميزان الاعتدال - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٧
وقد سكن قبل الأربعين بسنوات بنيسابور، وبنى الخانقاه، وحدث بمصنفاته ثم رد إلى وطنه.
وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح - وذكره في طبقات الشافعية: غلط الغلط الفاحش في تصرفه، وصدق أبو عمرو.
وله أوهام كثيرة تتبع بعضها الحافظ ضياء الدين، وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه لها.
قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الاسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم ابن حبان، فقال: رأيته ونحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين. قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه.
قلت: إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام، والسكوت عن الطرفين أولى، إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته، والله تعالى ليس كمثله شئ، فمن أثبته قال له خصمه: جعلت لله حدا برأيك، ولا نص معك بالحد، والمحدود مخلوق، تعالى الله عن ذلك.
وقال هو للنافي: ساويت ربك بالشئ المعدوم، إذ المعدوم لا حد له، فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف.
قال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل، وحكموا عليه بالزندقة، وهجروه. وكتب فيه إلى الخليفة فأمر بقتله.
وسمعت غيره يقول: لذلك أخرج إلى سمرقند.
قلت: ولقوله هذا محمل سائغ إن كان عناه، أي عماد النبوة العلم والعمل، لان الله لم يؤت النبوة والوحي إلا من اتصف بهذين النعتين، وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم يصير بالوحي عالما، ويلزم من وجود العلم الإلهي العمل الصالح، فصدق بهذا الاعتبار قوله: النبوة العلم اللدني والعمل المقرب إلى الله، فالنبوة إذا تفسر
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»