ميزان الاعتدال - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٢
فأخذ بيدي، وأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المنير، ثم قال: ناد في الناس.
فصحت في الناس، فاجتمعوا، فقال:
أما بعد أيها الناس فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، ألا وإنه قد دنا منى خلوف بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقولن رجل إني أخشى الشحناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم... إلى أن قال: ثم نزل، فصلى الظهر، ثم رجع إلى المنبر، فأعاد بعض مقالته.
فقام رجل، فقال: عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله. قال: فلم غللتها؟
قال: كنت محتاجا. قال: خذها منه يا فضل.
وقام آخر فقال: إن لي عندك يا نبي الله ثلاثة دراهم. قال: أما إنا لا نكذب قائلا ولا نستحلفه. أعطه يا فضل فقام رجل آخر، فقال: يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لفاحش، وإني لنؤوم.
وقال: اللهم ارزقه صدقا، وأذهب عنه من النوم.
ثم قام آخر، فقال: إني لكذاب، وإني لمنافق، وما شئ إلا قد جئته (1).
فقال عمر: فضحت نفسك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فضوح الدنيا يا عمر، أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقا، وإيمانا، وصير أمره إلى خير.
فقال عمر كلمة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: عمر معي وأنا مع عمر والحق بعدي مع عمر حيث كان.
قال علي بن المديني: هو عند عطاء بن يسار. وليس له أصل من حديث عطاء ابن أبي رباح، ولا عطاء بن يسار، وأخاف أن يكون عطاء الخراساني، لأنه يرسل عن ابن عباس.
قلت: أخاف أن يكون كذبا مختلقا، أنبأنيه يحيى بن الصيرفي، وجماعة سمعوه من

(1) ه‍: جنيته.
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»