فأذكره على الانصاف، وما يضره (1) ذلك عند الله ولا عند الناس، إذ إنما يضر الانسان الكذب، والإصرار على كثرة الخطأ، والتجري على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم / يطبع على كل شئ إلا الخيانة والكذب.
وقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضاعين المتعمدين قاتلهم الله، وعلى الكاذبين في أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير، ثم على الكذابين في لهجتهم لا في الحديث النبوي، ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطؤهم وترك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم، ثم على الحفاظ الذين في دينهم رقة، وفي عدالتهم وهن، ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظم، فلهم غلط وأوهام، ولم يترك حديثهم، بل يقبل ما رووه في الشواهد والاعتبار بهم لا في الأصول والحلال والحرام، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الاثبات المتقنين (2)، ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول، أو يقول (3) غيره: لا يعرف أو فيه جهالة أو يجهل، أو نحو ذلك من العبارات التي تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق، إذ المجهول غير محتج به، ثم على الثقات الاثبات الذين فيهم بدعة، أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه في ذلك الثقة، لكونه تعنت فيه، وخالف الجمهور من أولى النقد والتحرير، فإنا لا ندعى العصمة من السهو والخطأ في الاجتهاد في غير الأنبياء.
ثم البدعة كبرى وصغرى، روى عاصم الأحول عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الاسناد حتى وقعت الفتنة، فلما وقعت نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه، ومن كان من أهل البدعة تركوا حديثه.
وروى هشام، عن الحسن قال:: لا تفاتحوا أهل الأهواء، ولا تسمعوا منهم، فالتليين بالبدعة باب سلف (4) فيه اختلاف بين العلماء ليس هذا موضع تقريره.
ولم أتعرض لذكر من قيل فيه: محله الصدق، ولا من قيل فيه: لا بأس به،