سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٢٢٦
وقال: لو قدم علي من قتل ولدي وهو بذلك طيب وجدني أطيب منه.
ومن ذلك قوله: أمرد يقدم مداسي أخير من رضوانكم، وربع قحبة عندي أحسن من الولدان. أود أشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر. أنا متكل محير والعشق بي مشغول!
قال ابن إسرائيل: قال لي الشيخ: ما معنى قوله تعالى: * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * (1) قلت: يقول سيدي، قال: ويحك من الموقد ومن المطفئ، لا يسمع لله كلاما إلا منك فيك، فامح إنيتك.
وقال علي بن أنجب بن تاريخه (2):
الفقير الحريري شيخ عجيب، كان يعاشر الاحداث، كان يقال عنه:
إنه مباحي ولم تكن له مراقبة، كان يخرب، والفقهاء ينكرون فعله، وكان له قبول عظيم.
وروي عن الحريري: لو ضربنا عنقك على هذا القول ولعناك لاعتقدنا أنا مصيبون.
وممن انتصر له وخضع لكشفه الإمام أبو شامة (3)، فقال: كان عنده من القيام بواجب الشريعة ما لم يعرفه أحد من المتشرعين ظاهرا وباطنا، وأكثر الناس يغلطون فيه، كان مكاشفا لما في الصدور بحيث قد أطلعه الله على سرائر أوليائه.

(1) سورة المائدة من الآية 64.
(2) هو التاج ابن الساعي المؤرخ العراقي المشهور.
(3) لم نجد هذا الكلام في ذيل الروضتين لأبي شامة حين ترجم له في وفاته سنة 645 ص 180 بل نجد خلاف ذلك ذما له، وقد نسب ابن تغري بردي إلى أبي شامة أيضا أنه أثنى على الحريري (النجوم الزاهرة 6 / 360).
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»