سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٤٢
وسبعين وست مئة، أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ بحران سنة خمس وست مئة، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا والدي، أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما وخرجت معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه، فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينا لبكائه؟ ثم أقبل إلينا، فتلقاه عمر، فقال: يا نبي الله! ما الذي أبكاك؟ فقد أبكانا و أفزعنا. فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا، فأتيناه، فقال:
" أفزعكم بكائي؟ ". قلنا: نعم. قال: " إن القبر الذي رأيتموني عنده إنما هو قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في الاستغفار لها، فلم يأذن لي، ونزل علي: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين...) الآيتين [التوبة: 113، 114] فأخذني ما يأخذ الولد لوالده من الرقة، فذاك الذي أبكاني، إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنه يزهد في الدنيا ويذكر الآخرة ".
هذا من غرائب الحديث، أخرجه ابن ماجة عن الثقة (2)، عن

(1) الذي في المطبوع من سنن ابن ماجة (1571): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، وأخرجه أيضا مختصرا البيهقي 4 / 77 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب به. وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن خالد بن خداش، عن ابن وهب وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 336 من طريق محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر، عن ابن وهب به، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه هكذا بهذه السياقة إنما أخرج مسلم حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فيه مختصرا، وتعقبه الذهبي بقوله: أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين. وأخرج أحمد في " المسند " 5 / 355، والبيهقي في " سننه " 4 / 76 من طريق زهير بن معاوية، عن زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكبا، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطاب، ففداه بالأب والام، يقول: يا رسول الله مالك؟ قال: " إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث: عن زيارة القبور، فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرا " وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه (977) دون قصة أمه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن ضرار بن مرة، عن محارب بن دثار به. وقصة أمه أخرجها مسلم أيضا (976) من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت " وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني في " الكبير " (49. 12) وفي سنده من لا يعرف.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»