نحوا من مئة ألف - بعث إلى جوهر وجوه المصريين يطلبون الأمان وتقرير أملاكهم، فأجابهم، وكتب بذلك عهدا، واختلفت كلمة الإخشيذية، ووقع حرب يسير. وقيل: بل قتل خلق من الإخشيذية، وانهزم الباقون، ثم نفذوا يطلبون أمانا، فأمنهم جوهر، ومنع جيشه من نهب الرعية، وفتحت أسواق مصر، ثم دخل في هيئة الملوك، وعليه قباء ديباج، فحفر لليلته أساس قصر الخلافة، وبعث إلى المعز برؤوس القتلى، وقطعت الخطبة العباسية، وألبس الخطباء البياض، وأذنوا بحي على خير العمل (1).
وكان جوهر هذا حسن السيرة في الرعايا، عاقلا أديبا، شجاعا، مهيبا، لكنه على نحلة بني عبيد التي ظاهرها الرفض، وباطنها الانحلال، وعموم جويشهم بربر وأهل زعارة وشر، لا سيما من تزندق منهم، فكانوا في معنى الكفرة، فيا ما ذاق المسلمون منهم من القتل، والنهب، وسبي الحريم، ولا سيما في أوائل دولتهم، حتى إن أهل صور قاموا عليهم وقتلوا فيهم، فهربوا، حتى إن أهل صور استنجدوا بنصارى الروم فجاؤوا في المراكب، وكان أهل صور قد لحقهم من المغاربة من الظلم، والجور، وأخذ الحريم من الحمامات والطرق أمر كبير.
وقد خرج على جوهر هفتكين التركي، فالتقاه فانهزم جوهر وتحصن بعسقلان، فحاصره سبعة عشر شهرا. ثم طلب الأمان فأمنه، فذهب إلى مصر، ودخل بين يديه من أحمال المال، ألف ومئتا صندوق.
ولقد كان المعز في زمانه أعظم بكثير من خلفاء بني العباس.
مات في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.