سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٤٤
فدخل عليه الداخل، ووهن دسته، وفارقه مؤنس الخادم مغاضبا إلى الموصل، وتملكها، وهزم عسكرها في صفر سنة عشرين (1). ووصلت القرامطة إلى الكوفة، فهرب أهلها. ودخلت الديلم، فاستباحوا الدينور، ووصل أهلها (2)، فرفعوا المصاحف على القصب، وضجوا يوم الأضحى من سنة تسع عشرة (3)، وأقبلت جيوش الروم وبدعوا وأسروا. ثم تجهز نسيم الخادم في عشرة آلاف فارس، وعشرة آلاف راجل، حتى بلغوا عمورية، فقتلوا وسبوا، وتم ببغداد الوباء الكبير، والقحط حتى سود الشرفاء وجوههم، وصاحوا: الجوع الجوع (4). وقطع الجلب عنهم مؤنس والقرامطة. ولم يحج أحد، وتسلل الجيش إلى مؤنس، فتهيأ لقصد المقتدر، فبرز المقتدر، وتخاذل جنده. فركب، وبيده القضيب، وعليه البرد النبوي، والمصاحف حوله، والقراء. وخلفه الوزير الفضل بن الفرات، فالتحم القتال. وصار المقتدر في الوسط، فانكشف جمعه، فيرميه بربري بحربة من خلفه. فسقط وحز رأسه، ورفع على قناة، ثم سلب ثم طمر في موضعه، وعفي أثره كأن لم يكن، لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة (5).
وكان سمحا متلافا للأموال، محق ما لا يعد ولا يحصى. ومات صافي (6)، وتفرد مؤنس بأعباء الأمور.

(1) " الكامل ": 8 / 239 - 240 وستأتي ترجمة مؤنس الخادم: رقم / 25 / من هذا الجزء.
(2) يعني: إلى بغداد.
(3) " النجوم الزاهرة ": 3 / 228 - 229.
(4) " النجوم الزاهرة ": 3 / 232.
(5) راجع الخبر مفصلا في " الكامل ": 8 / 241 - 243.
(6) كان صاحب الدولة كلها، وإليه أمر دار الخليفة، وقد توفي سنة / 298 / ه‍ " المنتظم ": 6 / 108.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»