سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٢٧٢
حجرة التأديب، وخرج إليه الصبي وهو أبو يحيى، فلما كتبه أخذ الخادم اللوح، ودخلوا مستبشرين، فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير، فرد الجميع وقال: قد شورطت على شئ، فلا آخذ سواه. فدرى الوزير ذلك، فأدخلته إليه وسأله، فقال: هؤلاء عبيد وهم لا يملكون.
فعظم ذلك في نفسه.
وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشئ فيقبله، ويكافئه أضعافا لعظم مروءته.
قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للوزير:
أريد أن أقف وقفا. فذكر القصة وزاد: فرد الألف على الوزير ولم يقبلها، فقيل له: تصدق بها. فلم يفعل، وقال: أنتم أولى بأموالكم وأعرف بمن تصدقون عليه.
قال الخطيب: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي: أن محمد ابن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
قال الخطيب: وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الفقيه أنه قال: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا.
قال الحاكم: سمعت حسينك بن علي يقول: أول ما سألني ابن خزيمة فقال لي: كتبت عن محمد بن جرير الطبري؟ قلت: لا، قال: ولم؟ قلت:
لأنه كان لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه، قال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم، وسمعت من أبي جعفر.
قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن بالويه يقول: قال لي أبو بكر بن
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»