سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٤
وعن سفيان قال: ما نعلم شيئا أفضل من طلب العلم بنية.
الخريبي: عن سفيان: قال: أحذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك، واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك، وأن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده، أن تسخط على ربك.
قال خالد بن نزار الأيلي: قال سفيان: الزهد زهدان: زهد فريضة، وزهد نافلة. فالفرض: أن تدع الفخر والكبر والعلو، والرياء والسمعة، والتزين للناس. وأما زهد النافلة: فأن تدع ما أعطاك الله من الحلال، فإذا تركت شيئا من ذلك، صار فريضة عليك ألا تتركه إلا لله.
وقيل: إن عبد الصمد عم المنصور، دخل على سفيان يعوده، فحول وجهه إلى الحائط، ولم يرد السلام، فقال عبد الصمد: يا سيف! أظن أبا عبد الله نائما. قال: أحسب ذاك - أصلحك الله - فقال سفيان: لا تكذب، لست بنائم. فقال عبد الصمد: يا أبا عبد الله! لك حاجة؟ قال: نعم، ثلاث حوائج: لا تعود إلي ثانية، ولا تشهد جنازتي، ولا تترحم علي. فخجل عبد الصمد، وقام، فلما خرج، قال: والله لقد هممت أن لا أخرج إلا ورأسه معي.
قال يوسف بن أسباط: قال سفيان: زينوا العلم والحديث بأنفسكم، ولا تتزينوا به.
قال محمد بن سعد: طلب سفيان، فخرج إلى مكة، فنفذ المهدي إلى محمد بن إبراهيم - وهو على مكة - في طلبه، فأعلم سفيان بذلك، وقال له محمد: إن كنت تريد إتيان القوم، فاظهر حتى أبعث بك إليهم، وإلا فتوار.
قال: فتوارى سفيان، وطلبه محمد، وأمر مناديا فنادى بمكة: من جاء بسفيان: فله كذا وكذا. فلم يزل متواريا بمكة. لا يظهر إلا لأهل العلم، ومن لا يخافه.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»