سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٣٥
ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيدا أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم، هذا محال.
الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.
قلت: هذا حسن، فإنما الأعمال بالنية، [أما] زيد، فأخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما سكت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الافصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيدا رحمه الله توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق (1) أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا (2) وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا (3) وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الأرض سبعين واديا نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر، فكلم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فضرب له بسهمه وأجره (4)، وكذلك قال موسى بن

(1) انظر ابن هشام 1 / 232، وجمهرة نسب قريش ص 418 للزبير بن بكار.
(2) في الأصل " رب " والتصويب من " سيرة ابن هشام ".
(3) بعد هذا البيت بيت خامس عند ابن هشام هو:
تلاقي خليل الله فيها ولم تكن * من الناس جبارا إلى النار هاويا وانظر " تهذيب ابن عساكر " 6 / 32، و " البداية " لابن كثير 2 / 238.
(4) أخرجه الحاكم 3 / 438، والطبراني (338) و (339)، وابن عبد البر في " الاستيعاب " 4 / 187، وابن سعد 3 / 1 / 279، والحافظ في " الإصابة " 4 / 188.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»