تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
الحافظ يقول: سمعت محمد بن إسحاق يعني ابن خزيمة وقيل له:
لم رويت عن أحمد بن عبد الرحمان بن وهب وتركت سفيان بن وكيع؟
فقال: لان أحمد بن عبد الرحمان لما أنكروا عليه تلك الأحاديث، رجع عنها عن آخرها إلا حديث مالك عن الزهري عن أنس: " إذا حضر العشاء " (1) فإنه ذكر أنه وجده في درج (2) من كتب عمه في قرطاس.
وأما سفيان بن وكيع، فإن وراقة أدخل عليه أحاديث، فرواها، وكلمناه، فلم يرجع عنها، فاستخرت الله، وتركت الرواية عنه.
وقال أبو أحمد بن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه، ومن كتب عنه من الغرباء غير أهل بلده لا يمتنعون من الرواية عنه، وحدثوا عنه، منهم: أبو زرعة (3) وأبو حاتم فمن دونهما. وسألت عبدان عنه، فقال: كان مستقيم الامر في أيامنا، وكان أبو الطاهر ابن السرح يحسن فيه القول ومن لم يلق حرملة اعتمد أبا عبيد الله في نسخ حديث ابن وهب كنسخة عمرو بن الحارث وغيره، وكل من تفرد عن عمه بشئ، فذلك الذي تفردوا به وجدوه عنده، وحدثهم به، من ذلك أيضا كتاب " الرجال " يرويه عن عمه عمرو ابن سواد وقد كتبوه عنه أيضا (4).
قال: وسمعت محمد بن محمد بن الأشعث بمصر يقول: كنا عند أبي عبيد الله ابن أخي ابن وهب، فمر عليه هارون بن سعيد

(١) وتمامه: وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء، أخرجه من طرق عن الزهري عن أنس: البخاري ٢ / ١٣٤ في الأذان: باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، و (٥٤٦٥) ومسلم (٥٥٧) في المساجد: باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وأحمد ٣ / ١١٠، والترمذي (٣٥٣)، وابن ماجة (٩٣٣)، وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري ٢ / ١٣٤، ١٣٥، ومسلم (٥٥٩)، وعن عائشة عند البخاري ٢ / ١٣٤ ومسلم (٥٥٨) (ش).
(٢) يجوز فيها سكون الراء وفتحها كما في معجمات اللغة.
(٣) في حاشية الأصل تعقيب للمؤلف نصه: " قد تقدمت حكاية عبد الرحمان عن أبي زرعة أنه لم يكتب عنه ".
(٤) قال العلامة مغلطاي: " قال أبو عبد الله الحاكم: قلت لابي عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: إن مسلما حدث عن ابن أخي ابن وهب فقال: إن ابن أخي ابن وهب ابتلي بعد خروج مسلم من مصر ونحن لا نشك في اختلاطه بعد الخمسين، وذلك بعد خروج مسلم والدليل عليه أحاديث جمعت عليه بمصر لا يكاد يقبلها العقل وأهل الصنعة من تأملها منهم على أنها مختلقة عليه فقبلها فما يشبه حال مسلم معه إلا حال المتقدمين من أصحاب ابن أبي عروبة انهم أخذوا عنه قبل الاختلاط وكانوا فيها على أصلهم الصحيح، فكذلك مسلم أخذ عنه قبل تغيره واختلاطه. وفي كتاب الجرح التعديل عن أبي الحسن الدارقطني: تكلموا فيه. وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان مستقيم الامر ثم حدث بما لا أصل له. وخرج ابن خزيمة والحاكم حديثه في صحيحيهما. وقال ابن العطار: وثقة أهل زمانه " (إكمال: ١ / الورقة: ١٨ ١٩). وذكره ابن منجويه في (رجال صحيح مسلم) الورقة: ٢. وقال الذهبي في " الميزان ": " وقال ابن حبان ما معناه: إنه أتى بمناكير في آخر عمره، فروى عن عمه عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر " فهذا موضوع على ابن وهب ". وأورد الامام الذهبي طائفة مما أنكر عليه منها ما رواه ابن عدي في " الكامل " عن عيسى بن أحمد: أنبأنا أبو عبيد الله أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمان بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك مرفوعا: " يكون في آخر الزمان قوم يحلون الحرام ويحرمون الحلال، ويقيسون الأمور برأيهم "، فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد، عن عيسى، وسرقة منه سويد بن سعيد وعبد الوهاب بن الضحاك والحكم بن المبارك الخاشتي، أنكروه على أبي عبيد الله عن عمه. وله عن عمه عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: " إذا كان الجهاد على باب أحدكم فلا يخرج إلا باذن أبويه ".
حدثنا موسى بن العباس، حدثنا أحمد، أنبأنا عمي، أنبأنا حيوة، عن أبي صخر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا: " يأتي على الناس زمان يرسل إلى القرآن فيرفع من الأرض " تفرد أحمد برفعه. وروى الامام الذهبي بسنده إلى السلفي: حدثنا ابن بدران الحلواني، حدثنا الجوهري، حدثنا ابن حيويه، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا أحمد بن عبد الرحمان، حدثنا ابن وهب، حدثني عمي، حدثنا عبد الله بن عمر ومالك وسفيان بن عيينة، عن حميد الطويل، عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ".
قال الامام الذهبي: وأجازه لي أحمد الدفوني وشهاب أنهما سمعاه من ابن رواج لسماعه من السلفي، ورواه ابن الطيوري عن العتيقي عن ابن حيويه " الميزان ": 1 / 113 114.
قال الحافظ ابن حجر: وقد صح رجوع أحمد عن هذه الأحاديث التي أنكرت عليه ولأجل ذلك اعتمده ابن خزيمة من المتقدمين وابن القطان من المتأخرين، والله الموفق. وقال زكريا بن يحيى البلخي: حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال: قال أحمد بن صالح: بلغني أن حرملة يحدث بكتاب " الفتن " عن ابن وهب فقلت له في ذلك، وقلت له: لم يسمعه من ابن وهب أحد ولم يقرأه على أحد، قال: فرجع من عندي على أنه لا يفعل ثم بلغني أنه حدث به بعد، وقال: فقيل للبوشنجي: إن أحمد بن عبد الرحمان بن وهب حدث به عن ابن وهب، قال: فهذا كذاب إذا " " تهذيب ": 1 / 56. وكأن الذهبي ضعفه وقد ذكره في " ديوان الضعفاء والمتروكين " (الورقة: 4) واقتصر فيه على نقل قول ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»