الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٣٠
لانبساطه وتلقيه ذلك الأمر بسرور فيظهر على الوجه منه ما يعرف الرائي به قد فرح وذلك ضد الحزن، لأن الحزن يقبض القلب فإذا انقبض تجمعت تلك العروق فيمتقع لون الحزين. قال الله عز وجل: (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان) وذلك لأنهم لم يكونوا متحققيها فسماها بشارة: ولو كان له نية حمل على نية في ذلك لأن هذه الأسماء منها ما هو حقيقة ومنها ما هو مشتق ومنها ما هو مجاز فإذا عضدت النية شيئا من ذلك تحقق بالنية.
* * * مسألة رجل قال لامرأته: أنت طالق في دخولك الدار. لا تطلق حتى تدخل الدار لأن الطلاق إذا علق بالموجود نزل من ساعته ومتى علق بالمعدوم ينتظر وجوده والأصل في أن تكون وعائية وهي حرف، وحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض قال الله تعالى: (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) أي مع عبادي. وقال تعالى:
(لأصلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النخل. فإذا جاءت في الفظ على غير معناها الأصلي قامت مقام الحرف الذي يكون بمعناها، وهاهنا هي بمعنى مع فعلمت عملها فإذا قال: أنت طالق في دخولك الدار صار كأنه قال مع دخولك الدار. ومع فهي كلمة صحبة وقران ومن شرط القران أن لا يكون فرقة. قال الله تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين) أي مقارن وأصل القران أن يقرن بين البعيرين لجر الغرب إذا كانت المنساة بعيدة. فلا يقع الطلاق إلا بعد استكمال الدخول حتى تكون لكلمة القران أثرا حقيقا. ولو قال:
أنت طالق في الدار يقع من ساعته لأنه أوقع الطلاق وخصه بالمكان والطلاق لا يختص بالمكان وإنما يختص بالعقد ولما وصف الطلاق بما لا يوصف به صار ذلك لغوا ووقع الطلاق من ساعته، ولا يتصف بظروف الأمكنة ولا الأزمنة. مثال الأمكنة أنت طالق في الدار، وأما الأزمنة أنت طالق في غد لأن الطلاق لا يوصف بالظروف وإنما يوصف بما يلائمه ويضاف إلى الأفعال ومتى أضيف إلى الأفعال ينزل منزلة الجزاء.
* * * مسألة رجل قال لامرأتين له: إن ولدتما ولدا فأنتما طالقان، فولدت إحداهما يقع
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»