الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ١١٣
فأكثر من أن يحصوا كثرة في كل عصر من أعصر الإسلام من لدن أبي حنيفة إلى هلم. وأما من وافق سفيان في القول الآخر فقليل لم نعرفه إلا في كتاب الخطيب، وقد بينا ما كان بينهما، وبينا فساد الطريق. فأما ما حكى الخطيب عن سفيان بإسناد له في كتابه إلى أن قال سمعت يزيد بن أبي الزرقاء يقول: رأيت سفيان الثوري ببغداد وقد نظر إلى شيخ جلاد يتصدق - وقد ذهب بصره - فحمل قطعة فأعطاه ثم قال له: ليس هذه صدقة عليك. هذه شماتة بك.
وذكر أيضا في ترجمته عن محمد بن الحسين القطان أخبرنا دعلج بن أحمد أخبرنا أحمد بن علي الأبار حدثنا أحمد بن هاشم حدثنا ضمرة قال سمعت مالك بن أنس يقول إنما: كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري. وكان سفيان الثوري يقول: مالك ليس له حفظ. فهذا يدلك أيدك الله أنه لما قال للأعمى ذلك القول إنما أراد المجون - أو الاستهتار - ومن نقل عنه مثل هذا عن رجل ليس بينه وبينه شئ فلأن ينقل عنه في رجل بينه وبينه شئ بطريق الأولى. ثم قوله عن مالك ليس له حفظ يعلم يقينا أنه كذب، لأنه إن أراد الحديث فليس لسفيان مثل موطأ مالك، وإن أراد الفقه فهو أحد الأئمة أربعة المجمع عليهم وسفيان من المتروكين المذهب. ومن ثبت مثل هذا عنه فلا اعتداد بقوله.
وحدث أيضا مثلها عن ابن الفضل عن ابن درستويه إلى سفيان، وابن درستويه قد تقدم ما قاله فيه، وهذا قولنا في سفيان.
وحدث في حكاية عن أبي نعيم الحافظ، وأبى نعيم هذا هو صاحب الحلية وقد تكلم فيه بسبب جزء محمد بن عاصم الذي أخرجه إلى أبى بكر الخطيب ولم يكن سماعه عليه، ولحق الخطيب الضعف أيضا بسبب قراءته عليه، وسيأتي ذكره.
وقد ذكر الحافظ محمد بن طاهر المقدسي في كتابه المعروف بمنثور الحكايات قال: سمعت إسماعيل بن أبي الفضل القومساني - بهمذان - وكان من أهل المعرفة بالحديث يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم، الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم، وأبو بكر الخطيب.
ثم ساق الخبر إلى مؤمل وسيأتي ذكر مؤمل هذا في الحكاية التي تلى هذه الحكاية.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»