أسد الغابة - ابن الأثير - ج ٣ - الصفحة ١١٣
فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في مجمع وما كنت دون امرئ منهما * ومن تضع اليوم لا يرفع وقد كنت في القوم ذا تدرأ * فلم أعط شيئا ولم أمنع فصالا أفائل أعطيتها * عديد قوائمه الأربع وكانت نهابا تلافيتها * بكري على المهر في الأجرع وايقاظي القوم ان يرقدوا * إذا هجع القوم لم أهجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا فاقطعوا عنى لسانه فأعطوه حتى رضى وقيل أتمها له مائة وكان شاعرا محسنا وشجاعا مشهورا قال عبد الملك بن مروان أشجع الناس في شعره عباس بن مرداس حيث يقول أقاتل في الكتبية لا أبالي * أفيها كان حتفي أم سواها وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر في الجاهلية فإنه قيل له ألا تأخذ من الشراب فإنه يزيد في قوتك وجراءتك قال لا أصبح سيد قومي وأمسى سفيهها لا والله لا يدخل جوفي شئ يحول بيني وبين عقلي أبدا وكان ممن حرمها أيضا في الجاهلية أبو بكر الصديق وعثمان بن مظعون وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وفيه نظر وقيس بن عاصم وحرمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم وعبد الله بن جدعان ويقال أو من حرمها على نفسه في الجاهلية عامر بن الظرب العدواني وقيل بل عفيف بن معدى كرب العبد وكان عباس بن مرداس ينزل البادية بناحية البصرة وقيل إنه قدم دمشق وابتنى بها دارا أخبرنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه باسناده إلى أبى يعلى أحمد بن علي قال حدثنا إبراهيم الحجاج الشامي حدثنا عبد القاهر بن السني السلمي حدثني كنانة بن العباس بن مرداس عن أبيه العباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لامته المغفرة والرحمة وأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل انى قد فعلت وغفرت لامتك الا ظلم بعضهم بعضا فأعاد فقال يا رب انك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرا من مظلمته فلم يكن تلك العشية الا ذا فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لامته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم ان تبسم فقال بعض أصحابه بأبي أنت وأمي تبسمت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك قال تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله تعالى أجابني في أمتي وغفر المظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»