محمد بن عمرو بن حوي البتلهي قد أتى له مائة سنة وتسع سنين وكان في إقليم من أقاليم غوطة دمشق يعرف ببيت لهيا (1) وبينها وبين دمشق نحو ميل وكان له في هذا الإقليم عدة قصور مبنية بالحجارة والخشب الصنوبر والعرعر في كل قصر منها بستان ونهر يسقيه وكان كل خليل يقدم من الحضرة أو من مصر يريدها ينزل عنده وفي قصوره وممن وقفت عليه أنه نزل عنده عبيد الله بن يحيى بن خاقان وأبو محمد الحسن بن مخلد وأبو الحسن أحمد ابن محمد بن المدبر وأمثال لهم وكان أبا القاسم عيسى بن داود بن الجراح ينزل في بعض قصوره وهو يتقلد الخراج بجندي دمشق والأردن قال علي بن الفتح فكان محمد بن عمرو بن حوي يدخلني إليه ويحادثني ويسألني عن أخبار الحضرة وكان يصف أبا محمد الحسن بن مخلد بالكفاية والرحلة وكان فيما حدثني به أن أحمد بن محمد بن المدبر كان عدل أموال الخراج والضياع يعني مسح الأرضين بجندي دمشق والأردن على اجتهاد وتقصي وقصد الإنصاف إلا أن الناس لم يقنعهم ذلك وإذا رأوا الحيلة والمسامحة فحفظوا عليه ما تسامح به أصحابه وما وقع فيه السهو وما تهيأ لأصحاب المصانعة عليه فلما قدم المتوكل دمشق في آخر سنة ثلاث وأربعين ومائتين اجتمعوا من أقطار الأجناد وشكوا (2) تحامل ابن المدير عليهم ومسامحة أصحابه الرؤساء منهم وأخذهم المصانعات على ذلك واستقصائه على الضعفاء وزيادتهم عليهم في خراجهم وأشغلوا المتوكل بالتظلم عما قصد له من النزهة (3) واتصل بظلمهم على أن عزم على الرجوع إلى العراق فأمر عبيد الله بن يحيى بن خاقان بالاجتماع مع الكتاب وابن المدبر في مسجد جامع دمشق والنظر في أمور الناس وما يتظلمون منه فلم يحضر تخلصا وكان يحب الإيقاع بابن المدبر وإفساد حاله وحضر أبو الحسن موسى بن عبد الملك صاحب ديوان الخراج وأبو محمد الحسن بن مخلد صاحب ديوان الضياع وقد واطأهم عبيد الله بن يحيى على معارضة ابن المدبر وحضر أبو الحسن أحمد بن محمد بن المدبر وحضر مع ابن المدبر أبو الفضل نجاح بن سلمة وهو يتقلد ديوان التوقيع وميله مع ابن المدبر وحضر غيرهم من أصحاب الدواوين وحضر الناس فذكر المتظلمون ظلاماتهم فقيل لهم تراضوا برجل منكم يكون الرجوع إلى قوله في المسألة فتراضوا أي يعني بمحمد بن عمرو بن حوي وشكوا ما لحقهم ودعوا إلى
(٢٠)