هذا التراب فجلست أتفكر في أمري كيف أصنع فأتاني في الهاجرة وعليه سبنية (1) قصب أرى سائر جسده منها ثم قال لم أرك أخرجت شيئا ثم ضم أصابعه فضرب بها وسط رأسي فقلت ثكلتك أمك عمر وبلغت ما أرى فقمت بالمجرفة فضربت بها هامته فإذا دماغه قد انتشر فأخذته ثم واريته تحت التراب ثم خرجت على وجهي ما أدري أين أسلك فمشيت بقية يومي وليلتي حتى أصبحت ثم انتهيت إلى دير فاستظللت في ظله فخرج إلي رجل من أهل الدير فقال يا عبد الله ما يجلسك ها هنا فقلت أضللت عن أصحابي قال ما أنت على الطريق وإنك لتنظر بعين خائف فادخل فأصب من الطعام واسترح ونم فدخلت فجاءني بطعام وشراب ولطف (2) فصعد في البصر وخفضه ثم قال يا هذا قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أحد أعلم مني بالكتاب وإني أجد صفتك الذي يخرجنا من هذا الدير ويغلب على هذه البلدة فقلت له أيها الرجل قد ذهبت في غير مذهب قال ما اسمك قلت عمر بن الخطاب قال أنت والله صاحبنا غير شك فاكتب على ديري وما فيه قلت أيها الرجل قد صنعت معروفا فلا تكدره فقال اكتب لي كتابا في رق وليس عليك فيه شئ فإن تكن صاحبنا فهو ما نريد وإن تكن الأخرى فليس يضرك قلت هات فكتبت له ثم ختمت عليه فدعا بنفقة فدفعها إلي وبأثواب وبأتان قد أوكفت فقال ألا تسمع قلت نعم قال اخرج عليها فإنها لا تمر باهل دير إلا أعلفوها (3) وسقوها حتى إذا بلغت مأمنك فاضرب وجهها مدبرة فإنها لا تمر بقوم ولا أهل دير إلا علفوها (4) وسقوها حتى تصير إلي فركبت فلم أمر بقوم إلا أعلفوها (3) وسقوها حتى أدركت أصحابي متوجهين إلى الحجاز فضربت وجهها مدبرة ثم صرت معهم فلما قدم عمر الشام في خلافته أتاه ذلك الراهب وهو صاحب دير العدس بذلك الكتاب فلما رآه عمر تعجب منه فقال أوف (5) لي شرطي فقال عمر ليس لعمر ولا
(٧)