تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٧٩
لقتال أحد وإنما جئنا زوارا لهذا البيت معظمين لحرمته معنا الهدي ننحره وننصرف فخرج عثمان حتى أتى بلدح فيجد قريشا هنالك فقالوا أين تريد قال بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليكم يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام وتدخلون (1) في الدين كافة فإن الله مظهر دينه ومعز نبيه وأخرى تكفون عنه ويلي هذا منه غيركم فإن ظفروا بمحمد (2) فذلك ما أردتم وإن ظفر محمد كنتم بالخيار أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس (3) أو تقاتلوا أو أنتم وافرون جامون (4) إن الحرب قد نهكتكم وأذهبت الأماثل منكم وأخرى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخبركم أنه لم يأت لقتال أحد وإنما جاء معتمرا معه الهدي عليه القلائد ينحره وينصرف فجعل عثمان يكلمهم فيأتيهم بما لا يريدون ويقولون قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبدا ولا دخلها علينا عنوة فارجع إلى صاحبك فأخبره أنه لا يصل إلينا فقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأجاره وقال لا تقصر عن حاجتك ثم نزل عن فرس كان عليه فجعل عثمان على السرج وردف وراءه فدخل عثمان مكة فأتى أشرافهم رجلا رجلا أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وغيرهم منهم من لقي ببلدح ومنهم من لقي بمكة فجعلوا يردون عليه أن محمدا لا يدخلها علينا أبدا قال عثمان ثم كنت أدخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين فأقول إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبشركم بالفتح ويقول أظلكم حتى لا يستخفى بمكة بالإيمان فقد كنت أرى الرجل منهم والمرأة ينتحب حتى أظن أنه سوف يموت فرحا بما خبرته فيسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيحفي (5) المسألة وتشتد (6) لذلك أنفسهم ويقولون اقرأ على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منا السلام إن الذي أنزله الحديبية لقادر أن يدخله بطن مكة وقال المسلمون يا رسول الله وصل عثمان إلى البيت وطاف فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أظن عثمان يطوف بالبيت ونحن محصورون قالوا يا رسول الله وما يمنعه وقد وصل إلى البيت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ظني به أن لا يطوف حتى نطوف فلما رجع عثمان إلى

(1) بالأصل وم: " ويدخلوا " وفي المطبوعة: " وتدخلوا " والمثبت عن المغازي.
(2) بالأصل: " فإن ظهر محمد بذلك ما أردتم " صوبنا العبارة عن م والمغازي.
(3) بالأصل وم: وتقاتلوا، والمثبت عن المغازي.
(4) الأصل: حامدون، والمثبت عن م والمغازي.
(5) الاحفاء: الإلحاف والإلحاح، يعني أنهم كانوا يلحون في السؤال ويرددونه. (راجع اللسان).
(6) الأصل وم: " وتشهد " وفي المغازي: ويشتد، ولعل الصواب ما ارتأيناه.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»